مع اشتداد الحرب في قطاع غزة وتزايد أعداد الضحايا المدنيين، بدأت المواقف الدولية تجاه حكومة بنيامين نتنياهو تتغير بشكل لافت، بل ويمكن وصفها بالانقلابية في بعض الحالات.
تقرير حديث نشره موقع “أكسيوس” الأميركي كشف عن تراجع حاد في الدعم الغربي لإسرائيل، وبدء مرحلة عزلة سياسية متسارعة تضع رئيس الوزراء الإسرائيلي في موقف دفاعي أمام الداخل والخارج.
في البداية، كان لدى نتنياهو ما يشبه التفويض الدولي المطلق للرد على هجوم حماس في السابع من أكتوبر، لكن هذا التفويض بدأ يتآكل بسرعة بعد تمدد الحرب وتفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، خاصة بعد استئناف العمليات العسكرية في مارس، وعرقلة دخول المساعدات إلى القطاع.
تصعيد دبلوماسي وانقسامات حادة
أبرز مظاهر الانقسام جاءت من ثلاث عواصم كبرى، باريس ولندن وأوتاوا، حيث أصدر قادة فرنسا وبريطانيا وكندا بيانًا مشتركًا في 19 مايو يدين الهجمات الإسرائيلية، ويحذر من إجراءات ملموسة إذا لم تفتح إسرائيل ممرات للمساعدات الإنسانية وتوقف تصعيدها العسكري.
البيان كان بمثابة إعلان ضمني بسحب الغطاء السياسي عن حكومة نتنياهو، التي ردت بدورها باتهامات علنية للقادة الثلاثة بأنهم يخدمون أجندة حماس.
الرد الغاضب من نتنياهو لم يوقف التحركات الغربية، فقد أعلنت بريطانيا تعليق مفاوضات التجارة الحرة مع إسرائيل، بينما فرضت عقوبات على مستوطنين متورطين في اعتداءات ضد الفلسطينيين.
من جهتها، كانت إسبانيا قد اتخذت خطوة أبعد بالاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، بمشاركة من النرويج وأيرلندا.
حتى داخل الاتحاد الأوروبي، بدأ المزاج العام يميل إلى فرض ضغوط اقتصادية على إسرائيل.
إذ دعم 17 وزير خارجية من أصل 27 مراجعة اتفاقية الشراكة التجارية مع تل أبيب، في سابقة قد تؤدي إلى خطوات أكثر صرامة في المرحلة القادمة.
اضطراب داخلي واستراتيجية غير محسوبة
على الصعيد الداخلي، باتت حكومة نتنياهو تواجه انتقادات غير مسبوقة من داخل مؤسسات الدولة.
تقارير أكدت أن بعض كبار المسؤولين حذروا مبكرًا من أن تشديد الحصار على غزة، ورفض صفقة تبادل الرهائن، سيقود إلى عزلة دولية.
كما كشفت بعض الكواليس، أن هذه القرارات اتخذت لدوافع سياسية داخلية، متعلقة بالصراعات داخل الائتلاف الحكومي.
وفي خضم التوتر، أبدت إسرائيل بعض التراجع، ووافقت على دخول جزئي للمساعدات إلى غزة للمرة الأولى منذ أشهر، لكن الخطوة جاءت متأخرة وغير كافية لوقف التدهور في صورتها الدولية.
القلق الأكبر حاليًا يتمثل في إعلان نتنياهو عزمه الاستمرار في ما سماه “الهجرة الطوعية” لسكان غزة، وهو الوصف الذي ينظر إليه على نطاق واسع كمحاولة تهجير جماعي؛ مما يهدد بتصعيد جديد في المواجهة مع المجتمع الدولي.