أعلن الفاتيكان صباح اليوم وفاة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، عن عمر يناهز 88 عامًا، بعد معاناة مع مرض الالتهاب الرئوي المزدوج، وتميز البابا فرنسيس بمواقفه الجريئة والداعمة للسلام والعدالة في منطقة الشرق الأوسط.
مواقف البابا فرنسيس تجاه قضايا الشرق الأوسط
طوال فترة حبريته، كان البابا فرنسيس صوتًا قويًا للسلام والعدالة في الشرق الأوسط، وفي آخر خطاب له يوم الأحد الماضي، دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، مشددًا على ضرورة إنهاء العنف في المنطقة.
وفي نوفمبر 2024، أعرب البابا عن قلقه العميق بشأن العمليات العسكرية في غزة، مشيرًا إلى ضرورة تحقيق العدالة والسلام للشعب الفلسطيني.
في يناير 2024، صرح بأن “أكبر مخاوفه هي التصعيد العسكري في غزة”، مؤكدًا أن “الحل الحقيقي للسلام يكمن في تطبيق حل الدولتين”.
وفي أبريل 2024، وجه البابا فرنسيس رسالة إلى المسلمين بمناسبة نهاية شهر رمضان، أعرب فيها عن حزنه العميق للدماء التي تُسفك في الأراضي المقدسة، مؤكدًا أن “الحرب دائمًا وأبدًا فشل: طريق يؤدي إلى الهاوية”.
وفي أغسطس 2024، أعرب البابا فرنسيس عن أمله في ألا يتوسع الصراع العنيف والدموي في الشرق الأوسط، مؤكدًا أن “الهجمات، حتى المستهدفة منها، والقتل لا يمكن أن تكون حلاً”
زيارات تاريخية ودعوات للحوار
وفي عام 2019، قام البابا فرنسيس بزيارة تاريخية إلى الإمارات العربية المتحدة، حيث ترأس أول قداس بابوي في شبه الجزيرة العربية، مؤكدًا على أهمية الحوار بين الأديان والتعايش السلمي.
وفي مارس 2021، زار البابا فرنسيس العراق، حيث التقى بالمرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، وزار مدينة الموصل التي دمرها تنظيم داعش، مؤكدًا على أهمية التعايش السلمي بين مختلف الطوائف الدينية
كما التقى في أغسطس 2024 بأساقفة الشرق الأوسط في الفاتيكان، حيث ناقش معهم التحديات التي تواجه المسيحيين في المنطقة، مؤكدًا على دعمه المستمر لهم.
وفي نوفمبر 2022، استقبل البابا فرنسيس الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا في الفاتيكان، حيث ناقشوا أهمية تعزيز الوجود المسيحي في الشرق الأوسط، وتطوير الحوار بين الأديان، وضمان حرية ممارسة الكنيسة الكاثوليكية لمهامها في الأردن.
وفي يونيو 2022، التقى البابا فرنسيس بأساقفة الكنيسة الملكية اليونانية، حيث حثهم على توحيد المسيحيين في الشرق الأوسط، وعدم نسيان معاناة سوريا والمسيحيين في المنطقة.
القادة العرب ينعون البابا فرنسيس: “رجل سلام وإنسانية”
لذا عبّر عدد من القادة العرب عن بالغ الحزن والأسى لوفاة البابا فرنسيس، ونعوه باعتباره رمزًا عالميًا للسلام والدعوة إلى التعايش، فقد بعث العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني برقية تعزية إلى الفاتيكان، أكد فيها أن الراحل “كرّس حياته لخدمة القيم النبيلة، وكان صوتًا داعمًا للسلام في الشرق الأوسط، لا سيما في الأراضي المقدسة”.
كما أشار إلى جهوده التاريخية في الدفاع عن الوجود المسيحي في المنطقة ودعم الحوار الإسلامي-المسيحي.
أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فقد نعى البابا واصفًا إياه بـ”المدافع الشجاع عن عدالة القضية الفلسطينية”، مشيرًا إلى مواقفه الثابتة التي رفضت الاحتلال، ودعت إلى إنهاء الظلم، وتحقيق حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، كما أعلن الحداد الرسمي ليوم واحد في الأراضي الفلسطينية، تكريمًا لمواقف البابا ومحبته للشعب الفلسطيني
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، أعرب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، عن خالص تعازيه للفاتيكان، مشيدًا بـ”دور البابا فرنسيس في تعزيز قيم التسامح والسلام العالمي”، ومؤكدًا أن “زيارته التاريخية إلى أبوظبي عام 2019 ستظل لحظة فارقة في مسيرة الحوار بين الأديان”، كما أشار إلى توقيع وثيقة “الأخوة الإنسانية” مع شيخ الأزهر، التي ألهمت جهودًا عالمية لتعزيز التفاهم بين الشعوب.
وفي لبنان، نعى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي البابا فرنسيس، معتبرًا أنه “صوت الضمير الإنساني في وجه الحروب والصراعات”، وأكد أن لبنان سيظل وفيًا لدعوته إلى التعايش بين الطوائف، كما عبّر البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي عن حزنه العميق، قائلاً: “فقدنا أبًا حقيقيًا لكل الشرق، لم يتوانَ عن الدفاع عن الوجود المسيحي في لبنان والمنطقة”.
إرث دائم من السلام والعدالة
اذا أعرب العديد من قادة الشرق الأوسط عن حزنهم العميق لوفاة البابا فرنسيس، وأشاد الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ بالتزامه بالحوار بين الأديان، بينما قدمت إيران تعازيها، مشيدة بدوره في تعزيز السلام.
وسيُذكر البابا فرنسيس كقائد ديني سعى جاهدًا لتعزيز السلام والعدالة في الشرق الأوسط، من خلال دعواته المستمرة لوقف العنف، ودعمه للمجتمعات المتضررة، وتشجيعه على الحوار بين الأديان والثقافات، فإرثه سيبقى مصدر إلهام للعديد في المنطقة وخارجها.