ذات صلة

جمع

حرب الظل تخرج إلى العلن.. هل تنهار قواعد الاشتباك بين إيران وإسرائيل؟

في تحول خطير لحرب الظل الممتدة منذ سنوات، خرجت...

بوتين يدخل على خط النار.. مبادرة روسية لوقف الحرب بين إسرائيل وإيران

في تحرّك دبلوماسي مفاجئ، أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين...

قلق عربي.. هل تتحول المعركة الإسرائيلية – الإيرانية إلى نزاع إقليمي شامل؟

تصاعد التوتر العسكري بين إسرائيل وإيران يثير مخاوف عربية...

إيران تحت الضغط بعد الضربة الإسرائيلية: سيناريوهات الرد والتهديد بالحرب

بعد الضربة الإسرائيلية غير المسبوقة فجر اليوم الجمعة، التي...

بين النوايا والضرورات.. طهران وواشنطن على طاولة النار

في العاصمة الإيطالية روما، وعلى طاولة يغيب عنها التصوير الرسمي وتغيب عنها الابتسامات، تتقاطع مصلحتان متضادتان بين طهران وواشنطن، لكن كلتيهما مضطرتان للجلوس.

مفاوضات لا تشبه تلك التي قادت إلى اتفاق 2015، ولا تشبه أيضًا تلك التي تفككت في 2018، مناورة سياسية على أرض مهتزة، يتقابل فيها رجلان وهما دونالد ترامب، العائد بقوة إلى مشهد الانتخابات الأميركية، وعلي خامنئي، المرشد الأعلى الذي يراقب اقتصادًا مترنحًا وجبهة إقليمية مثقلة بالأعباء.

بينما لا تعترف واشنطن ولا طهران رسميًا بمكان انعقاد المحادثات، لكن المؤكد أن المسار الذي بدأ في عمان واستكمل في روما، يجري بوساطة هادئة من سلطنة عمان، وبتوقيت محسوب بدقة من الطرفين.

الرئيس الأميركي السابق يسعى لصفقة نووية يعيد من خلالها خلط أوراق المنطقة، ويقدم نفسه كصانع سلام بشروط جديدة، فيما تحاول طهران أن تنقذ ما تبقى من توازن داخلي قبل أن تداهمها أزمة أكثر قسوة من تلك التي تعيشها الآن.

رغم التوتر المتزايد في الشرق الأوسط، لا سيما على جبهات اليمن ولبنان والعراق، فإن الطرفين يظهران براغماتية نادرة في سياق التفاوض.

ترامب يلوح بالعودة إلى “صفقة قوية” تضمن الأمن الإقليمي وتمنع إيران من إنتاج القنبلة النووية، لكنه في الوقت ذاته يعلم أن خيار المواجهة العسكرية ليس مضمون العواقب، لا له ولا لحلفائه في المنطقة.

بينما خامنئي، وعلى خلاف خطابه التقليدي المتشدد، بات يدرك أن كلفة العزلة أصبحت تهدد بقاء الدولة من الداخل، وأن سقف المناورة بات منخفضًا في ظل ضغط اقتصادي وشعبي خانق.

الإيرانيون لا يريدون تكرار تجربة الاتفاق النووي السابقة التي خرج منها ترامب دون تكلفة سياسية، هم يطالبون بضمانات حقيقية، قابلة للتنفيذ، تمنع أي انسحاب مفاجئ في المستقبل.

كما يرفضون بالمطلق المساس ببرنامجهم الصاروخي أو بأذرعهم الإقليمية، إذ يرون أن ذلك جوهر استراتيجيتهم الدفاعية. هذه النقاط تجعل من طاولة المفاوضات أكثر هشاشة، لكن استمرارها حتى اللحظة يعكس وجود “أرض مشتركة” يجري العمل على توسيعها، ولو ببطء.

في المقابل، فإن إسرائيل، التي كانت تأمل بأن تشن واشنطن أو تل أبيب ضربة عسكرية خاطفة على المنشآت النووية الإيرانية، تجد نفسها خارج إطار التفاهمات.

ورغم تهديداتها المتكررة بشن عمل عسكري، فإنها تدرك أن أي تحرك من طرف واحد قد يجر المنطقة إلى دوامة تصعيد يصعب احتواؤها، خاصة في ظل الاحتكاك المستمر في غزة ولبنان وسوريا.

ترامب يعود للواجهة.. وخامنئي يناور تحت الضغط

ومع كل ذلك، فإن الرهان الأكبر الآن لا يتعلق فقط بمصير الاتفاق النووي، بل بتداعياته الإقليمية. فنجاح التفاوض قد يعيد رسم التوازن في الشرق الأوسط، ويؤسس لهدنة غير مكتوبة في أكثر من ساحة صراع. أما الفشل، فقد يعني العودة إلى المربع الأول، مع تصعيد أمني واقتصادي وسياسي يطال الجميع.

ما تريده طهران هو الخروج من العزلة بدون أن تقدم تنازلات تقوّض سرديتها الثورية، وما يريده ترامب هو نصر دبلوماسي يمنحه دفعة انتخابية في الداخل الأميركي. أما المنطقة، فهي لا تنتظر فقط نتائج المفاوضات، بل تنتظر ما إذا كانت تلك النتائج قادرة على وقف الانهيار أم أنها مجرد استراحة ما قبل الانفجار.

شروط متضادة.. وضمانات مفقودة

في لعبة الأمم هذه، لا شيء محسوم، وكل طرف يراقب الآخر، لا بعيون الثقة، بل بعيون الريبة، وحدها لغة المصالح هي التي تحكم المعادلة، وربما لهذا السبب تحديدًا تستمر المفاوضات، ولو فوق طاولة مشتعلة.

spot_img