ذات صلة

جمع

ترامب يُجمّد المواجهة مع العالم ويشعلها مع بكين: هدنة مشروطة وحرب قادمة

في تحولٍ لافتٍ في لهجة التصعيد التجاري، أعلن الرئيس...

عُمان تُعيد إحياء الخط الساخن: مفاوضات أمريكية إيرانية على صفيح نووي ساخن

تتّجه الأنظار إلى سلطنة عُمان، حيث تنطلق يوم السبت...

بداية حرب جديدة في غزة.. تحول جذري نحو احتلال طويل الأمد وأجندات استيطانية

لم تعد الحرب الجارية في قطاع غزة امتدادًا مباشرًا...

رسائل نارية بين تهديد ترامب ورد طهران.. مفاوضات عُمان في مهب التصعيد النووي

في تصعيد جديد للتوترات بين واشنطن وطهران، ألمحت إيران...

عُمان تُعيد إحياء الخط الساخن: مفاوضات أمريكية إيرانية على صفيح نووي ساخن

تتّجه الأنظار إلى سلطنة عُمان، حيث تنطلق يوم السبت 12 أبريل 2025 جولة جديدة من المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران، وسط حالة من الترقب بشأن ما إذا كانت ستكون مباشرة أم غير مباشرة، وما إذا كانت ستفضي إلى اختراق فعلي في الملفات الشائكة التي تعكر صفو العلاقات بين البلدين منذ سنوات.

ورغم إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، خلال لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن “بدء مفاوضات مباشرة” مع طهران، سارع مسؤولون إيرانيون إلى تصحيح المسار، مؤكدين أن المحادثات ستكون “غير مباشرة”، وإن كانت رفيعة المستوى.

الجدل حول طبيعة المفاوضات

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في منشور على منصة “إكس”، إن بلاده ستجري محادثات غير مباشرة مع الولايات المتحدة في مسقط، واصفًا اللقاء بأنه “فرصة واختبار في آنٍ واحد”، مشددًا على أن “الكرة الآن في ملعب أمريكا”.

ويرى محللون أن التباين في التصريحات بين الطرفين يكشف عن هشاشة الثقة، وتضارب الأجندات، فبينما تصر طهران على أن شكل المفاوضات ليس جوهريًا، وتؤكد على أهمية “الفعالية والجدية”، يذهب البعض إلى اعتبار الشكل مؤشراً على مدى الاستعداد للتنازل أو التقدم.

وسبق أن أعرب الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني عن قلقه من أن المفاوضات غير المباشرة قد تكرر تجارب فاشلة، قائلاً: “لو لم تكن المفاوضات في الاتفاق النووي السابق مباشرة، لما توصلنا إلى شيء لا في عامين ولا حتى في عشرين عامًا”.

محاور التفاوض: الملف النووي يتصدر

يتصدر البرنامج النووي الإيراني طاولة التفاوض، فواشنطن تصرّ على منع طهران من تطوير سلاح نووي، وهو ما أكده ترمب بقوله إن “فشل المفاوضات سيجعل إيران في خطر كبير”، من جهتها، تُكرر إيران أن برنامجها ذو طابع سلمي، مستندة إلى “فتوى دينية” من المرشد علي خامنئي تحظر إنتاج السلاح النووي.

لكن التقارير الأخيرة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية تشير إلى أن إيران رفعت مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% إلى 275 كيلوجرامًا، وهو ما يعتبره مراقبون مؤشرًا خطيرًا على اقترابها من العتبة النووية.

رفع العقوبات مقابل التنازلات

الملف الاقتصادي أيضًا حاضر بقوة في مفاوضات عمان، إذ تطالب طهران برفع شامل للعقوبات مقابل تقديم “ضمانات حول سلمية برنامجها النووي”، بينما تربط واشنطن ذلك بوقف تطوير برنامج الصواريخ الباليستية، وإنهاء دعم طهران للميليشيات في المنطقة.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية إن أي اتفاق لا بد أن يشمل كبح أنشطة الحرس الثوري، ووقف دعم الجماعات المسلحة في اليمن والعراق ولبنان، إلى جانب احترام الحريات الداخلية في إيران.

ضغوط داخلية ومعارضة من التيار المتشدد

المشهد الداخلي في إيران لا يقل تعقيدًا. إذ يرفض التيار المتشدد أي تفاوض مباشر، ويرى في السلاح النووي وسيلة للردع. فقد دعا نواب في البرلمان الإيراني علنًا إلى السعي لامتلاك القنبلة النووية، معتبرين أن “الرد الأمثل على الغطرسة الأمريكية والإسرائيلية” هو القوة العسكرية.

وفيما تشكك بعض الصحف الإيرانية، مثل “كيهان”، في جدوى الحوار مع واشنطن، وصل الأمر إلى نشر دعوات علنية لـ”اغتيال ترمب”، ما اعتبره مراقبون ضربة لمصداقية الخطاب الرسمي الإيراني عن “الاحترام المتبادل”.

وتُثار مخاوف أمريكية ودولية بشأن دعم إيران لجماعات مسلحة في المنطقة، مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، وتسعى واشنطن إلى مناقشة دور إيران في هذه النزاعات وتأثيره على استقرار الشرق الأوسط.

كما يُعَدّ تطوير إيران للصواريخ الباليستية والطائرات والمسيّرة ملفًا شائكًا آخر، وتعتبر الولايات المتحدة وحلفاؤها أن هذا البرنامج يُشكّل تهديدًا للأمن الإقليمي، بينما تصرّ إيران على أن برنامجها الدفاعي غير قابل للتفاوض.

الطريق إلى الأمام: بين نموذج ليبيا وواقع إيران

وفي تصريح لافت، شدد وزير الخارجية الإيراني على أن “النموذج الليبي غير قابل للتكرار”، مؤكدًا أن الهدف من التفاوض هو رفع العقوبات، وليس تفكيك البرنامج النووي بالكامل.

وفي المقابل، أشار نتنياهو إلى أن نزع البرنامج النووي الليبي كان نموذجًا ناجحًا يجب الاقتداء به.

أما عمان، التي لطالما لعبت دور الوسيط الهادئ في النزاعات الإقليمية، تستضيف الجولة الجديدة وسط دعم روسي معلن لهذا المسار. فقد أعلن الكرملين تأييده الكامل للمفاوضات، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة.

توقعات المفاوضات والتحديات المحتملة

وتأتي هذه المحادثات في ظل تصعيد متبادل بين الطرفين، حيث حذّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أن فشل المفاوضات سيكون “يومًا سيئًا للغاية” لإيران، بينما أكدت طهران أنها لن تتفاوض تحت التهديد والضغط.

بالإضافة إلى ذلك، هناك قلق من تجاهل الدور الأوروبي في هذه المحادثات، حيث لم تُطلع الولايات المتحدة الدول الأوروبية على تفاصيل المحادثات قبل الإعلان عنها.

لذا تُعَدّ هذه المحادثات اختبارًا حقيقيًا لمدى استعداد الطرفين للتوصل إلى حلول وسطى بشأن القضايا العالقة، وقد يكون لها تأثير كبير على مستقبل العلاقات بين البلدين واستقرار المنطقة.

spot_img