في سياق التصعيد المتزايد بين أكبر اقتصادين في العالم، يبدو أن حرباً تجارية أخرى على وشك الانفجار، تهدد بتقويض استقرار الأسواق العالمية وفتح جبهة جديدة قد تطال اقتصادات مختلفة في أنحاء متفرقة من العالم.
الصين، التي تواجه تهديدات أمريكية بفرض رسوم جمركية عقابية، تواصل بدورها تعزيز قوتها الاقتصادية، في ظل هذا التصعيد الذي يبدو وكأنه بداية لصراع اقتصادي طويل الأمد.
التصعيد المزدوج.. رسائل قوية في وجه الصين
وفي خطوة غير مسبوقة، تكثف واشنطن من الضغط على بكين بفرض رسوم جمركية قاسية على الواردات الصينية، حيث لوح الرئيس الأمريكي، الذي لا يتوانى عن التصعيد، بزيادة هذه الرسوم إلى مستويات غير مسبوقة قد تصل إلى أكثر من 100%، وهو ما قد يشكل ضربة كبيرة للاقتصاد الصيني.
الإجراءات تعتبر بمثابة إنذار للرئيس الصيني، وهو ليس الأول من نوعه في الحروب التجارية التي سادت العلاقات بين الدولتين في السنوات الأخيرة.
ترامب يرى في هذا التحرك أداة لتحقيق أهداف استراتيجية متعددة، لعل أبرزها تقليص العجز التجاري الأمريكي واستعادة بعض من القوة الاقتصادية المفقودة نتيجة التدفق الكبير للبضائع الصينية إلى الأسواق الأمريكية.
الصين ترد بعنف.. خطوات مدروسة للصد والمواجهة
من جانبها، لم تكتف الصين برد الفعل التقليدي عبر فرض رسوم جمركية مماثلة على السلع الأمريكية، بل أضافت إلى استراتيجياتها الاقتصادية الأخرى، بما في ذلك تحريك أدوات اقتصادية أكثر تعقيدًا، مثل خفض قيمة عملتها الوطنية، اليوان.
هذا الإجراء يهدف إلى تحسين القدرة التنافسية للصادرات الصينية، مما قد يعزز الاقتصاد الصيني في مواجهة الضغوط، ومع ذلك، يمكن أن يكون لهذا التحرك عواقب وخيمة على الصين نفسها، إذ أن انخفاض العملة قد يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال من السوق الصينية؛ مما قد يفاقم من الضغوط الاقتصادية الداخلية.
التداعيات العالمية.. من الاقتصاد العالمي إلى الأسواق العربية
وقد أثار التصعيد الحاد بين الصين وواشنطن قلقًا كبيرًا على المستوى العالمي، حيث أصبح من الواضح أن تداعيات هذه الحرب التجارية ستصل إلى أسواق ناشئة أخرى، في حين تراجعت قيمة بعض العملات وتزايدت أسعار المواد الخام، بات من الواضح أن اقتصادات بعض الدول، خاصة الخليجية منها، ستتعرض لآثار سلبية.
الدول النفطية التي تعتمد على تصدير النفط قد تشهد تراجعًا في أسعار الخام نتيجة انخفاض الطلب على السلع الصينية، مما سيؤثر على إيراداتها، بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يتأثر الاستثمار الأجنبي المباشر في منطقة الشرق الأوسط بشكل ملحوظ جراء هذه التوترات التجارية، التي قد تتسبب في تحجيم تدفقات رأس المال.
هل ستتواصل هذه الحرب؟
في حال استمرت هذه الحرب التجارية دون توقف، قد يتحول الصراع بين الولايات المتحدة والصين إلى صراع عالمي يشمل أكثر من مجرد المعاملات التجارية.
سيكون من الصعب تحديد الطرف الرابح في هذا النزاع، حيث إن كل خطوة تقوم بها إحدى الدول يمكن أن تؤدي إلى رد فعل غير متوقع من الطرف الآخر.
في الوقت الذي تسعى فيه الصين إلى زيادة قدرتها على المنافسة العالمية وتوسيع نطاق هيمنتها في مختلف المجالات الاقتصادية، يبدو أن واشنطن ستواصل الضغط بكل الوسائل الممكنة لمحاولة كبح تقدمها.