في خطوة تضاف إلى سلسلة الإجراءات الإسرائيلية الهادفة إلى تقويض فرص إقامة دولة فلسطينية، صادق المجلس السياسي الأمني الإسرائيلي، الليلة الماضية، على مشروع استيطاني جديد يستهدف القدس الشرقية، ويقضي فعليًا على إمكانية التواصل الجغرافي بين مناطق الدولة الفلسطينية المستقبلية.
يأتي هذا القرار في ظل تصاعد التوترات السياسية والأمنية في المنطقة، وسط إدانات فلسطينية ودولية متزايدة.
تفاصيل المخطط وأهدافه
بحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، فإن المخطط الجديد يسعى إلى تحقيق تواصل جغرافي بين القدس ومستوطنة معاليه أدوميم، من خلال تخصيص طريق خاص للمستوطنين الإسرائيليين يعرف باسم “نسيج الحياة”، ما يؤدي إلى عزل الفلسطينيين عن هذه المنطقة بشكل كامل.
ويعد هذا المشروع خطوة تمهيدية لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية بشكل تدريجي.
كان هذا المخطط مطروحًا منذ سنوات، إلا أن الأوضاع الداخلية والإقليمية لم تكن مواتية لتمريره في السابق.
ومع ذلك، فإن التغيرات الأمنية والسياسية الأخيرة، لا سيما تصاعد العمليات المسلحة في المنطقة، دفعت الحكومة الإسرائيلية إلى التعجيل بتنفيذه، بحجة توفير الأمن للمستوطنين.
تبريرات إسرائيلية ومخاوف فلسطينية
تروج إسرائيل للمشروع باعتباره وسيلة “لتسهيل” حركة الفلسطينيين، حيث سيتيح لهم التنقل بين الشمال والجنوب دون المرور عبر الحواجز الإسرائيلية، وفق الرواية الرسمية.
إلا أن الواقع يشير إلى أن هذا المخطط يعزز التواصل الجغرافي الإسرائيلي على حساب الفلسطينيين؛ مما يعمق سياسات العزل والضم.
على سبيل المثال، سيسمح المشروع للفلسطينيين القادمين من بيت لحم بالوصول إلى أريحا دون الحاجة للمرور عبر نقاط التفتيش، لكنه في المقابل يمنح المستوطنين الإسرائيليين طريقًا آمنًا ومباشرًا بين القدس ومعاليه أدوميم، وهي خطوة أخرى نحو تكريس السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية.
وترى إسرائيل أن لهذا المشروع أهمية أمنية كبيرة، مستشهدةً بحادث وقع في فبراير 2024، حيث نفذ ثلاثة فلسطينيين هجومًا على الطريق؛ مما أسفر عن مقتل مستوطن وإصابة سبعة آخرين.
واستخدمت الحكومة الإسرائيلية هذا الحادث لتبرير تمرير المخطط، رغم المعارضة الفلسطينية الواسعة له.
ويحذر خبراء من أن تنفيذ هذا المشروع سيؤدي إلى عزل مناطق حيوية مثل الخان الأحمر، التي تعد ضرورية لاستمرارية الدولة الفلسطينية المستقبلية.
وبحسب محللين، فإن المشروع الاستيطاني يقضي فعليًا على إمكانية إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا، ما يزيل عقبة رئيسية أمام ضم معاليه أدوميم رسميًا إلى إسرائيل.
تمويل المشروع والجدل حوله
خصصت الحكومة الإسرائيلية ميزانية قدرها 335 مليون شيكل “حوالي 80 مليون دولار” لتنفيذ المشروع، وسط تقارير عن أن تمويله سيتم عبر اقتطاع أموال من “الصندوق الإضافي للإدارة المدنية”، وهو صندوق يفترض أن يخصص لمشاريع تنموية فلسطينية بموجب اتفاقيات سابقة.
على الصعيد الدولي، عبرت عدة دول أوروبية والأمم المتحدة عن قلقها إزاء المشروع، معتبرة أنه يشكل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي، الذي يعتبر الاستيطان في الأراضي المحتلة غير شرعي.
كما حذرت من أن مثل هذه الخطوات قد تؤدي إلى تفجير الأوضاع في المنطقة، مما يزيد من احتمالية اندلاع موجات جديدة من العنف.