مع اقتراب شهر رمضان، يزداد الحديث عن محاولات جهات مشبوهة استغلال الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتوترة في تونس لإثارة الفوضى والتحريض على زعزعة الاستقرار، خاصة من قبل أطراف سياسية وتنظيمات لها تاريخ في توظيف الدين لتحقيق مكاسب سياسية.
وفي مقدمة هذه الجهات، يبرز تنظيم الإخوان الذي لطالما استخدم شهر رمضان كنافذة للتأثير على الشارع من خلال توظيف الخطاب الديني أو افتعال الأزمات المعيشية والاجتماعية.
تحذيرات رئاسية واستنفار أمني
الرئيس التونسي قيس سعيد حذر في مناسبات عدة من محاولات اختراق النسيج الاجتماعي التونسي من قبل جهات تسعى لإحداث اضطرابات خلال شهر رمضان، مستغلة الظروف الاقتصادية الصعبة التي تُعاني منها البلاد.
وأكد سعيد أن بعض الأطراف تحاول الاستثمار في معاناة المواطنين، سواء من خلال افتعال الأزمات أو الترويج لسرديات مغلوطة تستهدف مؤسسات الدولة.
وفي هذا السياق، كثفت السلطات التونسية تحركاتها الأمنية والرقابية، حيث أصدرت لجنة التحاليل المالية تحذيرات بشأن تدفقات مالية مشبوهة يُمكن أن تستغل في تحريك الشارع، سواء عبر تمويل احتجاجات تهدف إلى تأجيج الفوضى أو عبر تمويل شبكات غير رسمية تستغل حاجة الفئات الفقيرة لتأجيج الأوضاع الاجتماعية.
الاستغلال السياسي لشهر رمضان.. تكتيك قديم جديد
لطالما شكل شهر رمضان بيئة خصبة لمحاولات بعض التنظيمات استخدام العاطفة الدينية لحشد الدعم الشعبي أو تنفيذ أجندات سياسية مشبوهة.
في السنوات الماضية، شهدت تونس محاولات عدة لاستغلال هذا الشهر لإثارة القلاقل، سواء عبر بث دعوات للعصيان المدني، أو افتعال أزمات في الأسواق وخلق ندرة مصطنعة في بعض المواد الأساسية لزيادة الاحتقان الاجتماعي.
ويُشير مراقبون إلى أن تنظيم الإخوان كان من بين أكثر الأطراف التي استخدمت هذا الأسلوب، عبر شبكات إعلامية وصفحات إلكترونية تروج لمعلومات مضللة بهدف تشويه صورة الدولة والتأثير على الرأي العام.
كما يتوقع أن يتم تحريك الشارع عبر تمويلات خارجية مشبوهة لدعم احتجاجات قد تبدو في ظاهرها مطالب اجتماعية، لكنها تحمل في طياتها أهدافاً سياسية تتعلق بمحاولة العودة إلى المشهد السياسي أو فرض ضغوط على الحكومة.
الأزمات المفتعلة.. سلاح لضرب الاستقرار
إحدى الأدوات التي قد تلجأ إليها هذه الجهات تتمثل في افتعال أزمات معيشية مثل نقص المواد الغذائية الأساسية أو تعطيل سلاسل التوريد، مما يُساهم في تأجيج الشارع ضد الدولة.
وخلال السنوات الماضية، تم الكشف عن تورط عناصر مرتبطة بتنظيمات سياسية في تخزين مواد غذائية واحتكارها قبيل شهر رمضان، بهدف خلق مشاهد من الفوضى تدفع المواطنين للخروج إلى الشارع احتجاجًا على تردي الأوضاع المعيشية.
كما يُمكن أن يتم استغلال الجمعيات الخيرية التي يُشتبه في تلقيها تمويلات خارجية، حيث تُمثل هذه الجمعيات واجهة لنشاطات خفية، من بينها تمويل جهات تعمل على تقويض الاستقرار أو نشر أفكار متطرفة تحت غطاء المساعدات الإنسانية.
التصدي للمخططات المشبوهة
تُدرك السلطات التونسية حجم التحديات التي تواجهها في هذا الشهر الحساس، ولذلك اتخذت تدابير عدة استباقية لمواجهة أية محاولات لضرب الاستقرار.
ومن بين هذه الإجراءات، تكثيف الرقابة على تدفقات الأموال المشبوهة، خاصة تلك التي قد تصل إلى جمعيات أو شخصيات معروفة بولائها لتنظيمات متشددة، بالإضافة إلى تشديد الرقابة على الأسواق لمنع الاحتكار والمضاربة التي قد تتسبب في رفع الأسعار وخلق حالة من التوتر الشعبي.
كما تتجه الحكومة لتعزيز دور الأجهزة الأمنية والاستخباراتية لمراقبة أي تحركات مشبوهة، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، مع تحذير المؤسسات المالية من أية عمليات تحويل غير مبررة قد تكون جزءًا من مخططات تهدف إلى زعزعة الاستقرار.