في خطوة لافتة، أجرى رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبدالمهدي زيارة إلى العاصمة اليمنية صنعاء، تزامنًا مع تصعيد عسكري أمريكي يستهدف جماعة الحوثي المدعومة من إيران.
وتأتي هذه الزيارة في إطار جهود وساطة دولية تهدف إلى تهدئة التوترات المتصاعدة في البحر الأحمر، ما يطرح تساؤلات حول فرص نجاحها في تقريب وجهات النظر بين واشنطن وطهران.
عبدالمهدي يزور صنعاء
وأكدت مصادر يمنية أن عبدالمهدي وصل إلى صنعاء في إطار جهود وساطة دولية، تسعى إلى تخفيف التوتر المتصاعد في البحر الأحمر، حيث يحمل رسائل متبادلة بين الولايات المتحدة وإيران، وسط عمليات عسكرية أمريكية مكثفة تستهدف اليمن منذ مطلع الأسبوع الجاري، وتهديدات من واشنطن إلى طهران إن استمرت في دعم الحوثيين.
ونشر القيادي الحوثي عبدالرحمن الأهنومي، مقطع فيديو لعبدالمهدي في صنعاء، في حين التزمت وسائل الإعلام التابعة للحوثيين الصمت بشأن زيارته، ويعزز ذلك احتمالات وجود مفاوضات غير معلنة بين الأطراف المعنية بالأزمة.
وكانت وكالة “رويترز” قد كشفت سابقًا عن رسالة إيرانية شفهية إلى الحوثيين نقلت عبر مبعوث الجماعة في طهران، تتضمن مقترحات لخفض التصعيد في البحر الأحمر.
زيارة في توقيت حساس
تأتي زيارة عبدالمهدي في وقت يشهد فيه البحر الأحمر تصعيدًا مستمرًا مع استهدافات أميركية متكررة لمواقع الحوثيين، ردًا على هجمات الجماعة على السفن المرتبطة بإسرائيل.
وهذا التصعيد يُثير مخاوف من امتداد النزاع إلى المنطقة الأوسع، مما يجعل أي تحرك دبلوماسي محط أنظار المجتمع الدولي.
وبحسب مصادر مطلعة، يهدف عبدالمهدي من خلال وزيارته إلى نقل رسائل بين الأطراف المعنية، في محاولة لفتح قنوات تواصل غير مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، مستفيدًا من علاقاته الوثيقة مع القيادة الإيرانية ودوره السابق كوسيط في أزمات مشابهة.
ماذا تحمل الوساطة؟
تعتمد الوساطة العراقية على عدة مرتكزات، من بينها؛ تخفيف التصعيد في البحر الأحمر لإقناع الحوثيين بوقف الهجمات على السفن مقابل وقف الغارات الأمريكية.
كما تعتمد على فتح قنوات اتصال غير رسمية لتمهيد الطريق لمحادثات بين واشنطن وطهران عبر وسطاء إقليميين، بالاضافة إلى معالجة الملفات الإنسانية للدفع نحو تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة في اليمن.
ردود الفعل الدولية
وبينما تُراقب الولايات المتحدة بحذر هذه التحركات، قد تنظر إليها كفرصة لتجنب المزيد من التصعيد، خاصة في ظل انشغالها بملفات أخرى كالحرب في أوكرانيا وأزمة غزة.
ومن ناحية أخرى، رحبت إيران ضمنيًا بهذه الوساطة، مؤكدة دعمها لأي جهود تخفف من حدة التوتر في المنطقة.
وعلى الجانب اليمني، تبدو جماعة الحوثي مستعدة للتجاوب مع الوساطة، لا سيما إذا تضمنت ضمانات بوقف الغارات الجوية وتعزيز المساعدات الإنسانية.
هل تنجح الوساطة العراقية؟
رغم النوايا الإيجابية، تُواجه الوساطة العراقية تحديات عدة، أبرزها غياب الثقة المتبادلة، حيث تظل العلاقة بين واشنطن وطهران متوترة، مما قد يعيق أي تقدم ملموس.
بالاضافة إلى الضغوط الداخلية، حيث تواجه الإدارة الأميركية ضغوطًا من الكونغرس لاتخاذ موقف صارم ضد الحوثيين، بينما لا ترغب إيران في تقديم تنازلات قد تُفسر كضعف.
وهو ما يعني أن زيارة عادل عبد المهدي إلى صنعاء تمثل محاولة جادة لتخفيف التوترات الإقليمية، لكنها تبقى مرهونة بمدى تجاوب الأطراف المعنية.
وقد يُمهد نجاح الوساطة العراقية الطريق لتهدئة طويلة الأمد في اليمن، بينما فشلها قد يُؤدي إلى مزيد من التصعيد في المنطقة، ما يعني أن الأيام القادمة ستكون حاسمة في تحديد مصير هذه المبادرة.