وسط تطورات متسارعة في المشهد الفلسطيني، انعقدت القمة العربية الطارئة في القاهرة لبحث مستقبل قطاع غزة، وسط دعم عربي واسع لخطة مصر التي تهدف إلى إعادة إعمار القطاع ووضع أسس لحل سياسي شامل.
وتأتي هذه القمة في ظل استمرار الحرب في غزة وتفاقم الأوضاع الإنسانية؛ مما دفع الدول العربية إلى التكاتف لإيجاد مخرج يعيد الاستقرار للقطاع.
خطة مصر.. خارطة طريق لإعمار غزة
أبرز ما خرجت به القمة هو تبني الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة، والتي قدرت تكلفتها بنحو 53 مليار دولار.
وتستند هذه الخطة إلى مراحل متعددة تشمل “التعافي المبكر” الذي سيمتد لستة أشهر بتكلفة تصل إلى 3 مليارات دولار، يليه إعادة إعمار شامل يستمر لخمسة أعوام.
ووفقًا للمسودة، تتضمن الخطة إنشاء مساكن مؤقتة للنازحين، وإعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة، إلى جانب مشاريع استراتيجية تشمل ميناء تجاريًا ومراكز تقنية وسياحية.
مصر والأردن.. دور محوري في تأمين غزة
تشير مسودة الخطة إلى دور أساسي لمصر والأردن في تدريب وتأهيل عناصر الشرطة الفلسطينية، كخطوة أولى نحو تمكين السلطة الفلسطينية من بسط سيطرتها الأمنية على القطاع.
ويأتي هذا المقترح في إطار رؤية متكاملة تستهدف نزع فتيل التوتر في غزة وإعادة بناء مؤسسات الحكم ضمن حل سياسي أوسع.
كما ناقشت القمة مقترحًا لدراسة إمكانية وجود قوات دولية لحفظ السلام في الأراضي الفلسطينية، وهو ما يتطلب موافقة مجلس الأمن الدولي.
ويهدف هذا الطرح إلى ضمان استقرار أمني يمهد الطريق أمام استعادة الحياة الطبيعية في غزة.
التحديات الاقتصادية.. انهيار غير مسبوق
وقد تطرقت القمة إلى الأزمة الاقتصادية الحادة التي يعاني منها القطاع، حيث سجلت التقديرات انكماشًا اقتصاديًا بنسبة 83% في غزة خلال عام 2024، مع وصول معدلات البطالة إلى 80%.
كما ارتفعت معدلات التضخم بنحو 309%؛ ما أدى إلى نقص حاد في الإمدادات الغذائية والطبية، ورفع أسعار السلع إلى مستويات غير مسبوقة.
وأشارت التقارير المقدمة إلى القمة، أن 91% من سكان القطاع يعانون من انعدام الأمن الغذائي، مع توقعات بزيادة هذه النسبة بحلول منتصف 2025، مما ينذر بمجاعة واسعة النطاق.
كما لفتت التقارير إلى انهيار القطاع الصحي، حيث خرجت 64% من المراكز الصحية الأولية عن الخدمة، بالإضافة إلى توقف العملية التعليمية مع خروج أكثر من 745 ألف طالب عن مسارهم الدراسي.
وقد اتفق الزعماء العرب على ضرورة تنظيم مؤتمر دولي في القاهرة لحشد التمويل اللازم لإعادة إعمار القطاع، من خلال إنشاء صندوق ائتماني يخضع لإشراف دولي لضمان وصول الأموال إلى مستحقيها.
كما شددت القمة على أهمية تبني حل الدولتين كخيار استراتيجي يحقق الاستقرار الدائم، ويهيئ الأجواء لعلاقات أكثر استقرارًا في المنطقة.
موقف موحد ضد مقترحات التهجير
أثار الطرح الأميركي بشأن تهجير سكان غزة إلى مصر والأردن غضبًا عربيًا واسعًا، وأكدت القمة رفضها القاطع لأي مخططات تهدف إلى تفريغ القطاع من سكانه.
وأجمع القادة العرب على أن إعادة إعمار غزة يجب أن تتم بقيادة فلسطينية، مع ضمان بقاء سكان القطاع في أراضيهم، والتأكيد على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة.
مع اختتام القمة، يتجه المشهد الفلسطيني نحو مرحلة جديدة، حيث باتت خطة مصر محور التحركات الإقليمية والدولية لإعادة الاستقرار إلى غزة.
ويبقى التحدي الأكبر هو تنفيذ هذه الرؤية في ظل الأوضاع المتوترة، ومدى قدرة المجتمع الدولي على توفير الدعم اللازم لتحقيقها.