شهدت العاصمة اليمنية صنعاء، مع حلول شهر رمضان المبارك، تصعيدًا جديدًا من قبل ميليشيا الحوثي، حيث نفذت الجماعة المسلحة حملة اقتحامات استهدفت عددًا من المساجد، في خطوة أثارت استياءً واسعًا بين المواطنين، واعتبرت استمرارًا للقيود المفروضة على الحريات الدينية في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
ووفقًا لمصادر محلية، أقدم المسلحون الحوثيون على منع المصلين من أداء صلاة التراويح، مستخدمين أساليب قمعية لفرض سيطرتهم على دور العبادة.
وأشارت المصادر، أن هذه الخطوة لم تكن الأولى من نوعها، بل تأتي ضمن سلسلة إجراءات ممنهجة تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد الديني وفقًا لأيديولوجيا الجماعة.
اقتحام المساجد بالقوة وترهيب المصلين
وأوضحت المصادر، أن المسلحين الحوثيين اقتحموا المساجد بعنف، مستخدمين الترهيب والقوة لمنع إقامة الصلاة الجماعية، وهو ما أدى إلى حالة من الذعر بين المصلين، خصوصًا مع حدوث مشادات كلامية في بعض المواقع بين المواطنين والمسلحين الحوثيين.
وأضافت المصادر، أن الحملة لم تقتصر على المنع، بل تخللتها تهديدات للمصلين؛ ما دفع البعض إلى مغادرة المساجد خشية التعرض للعقوبات أو الاعتقال.
واعتبر مراقبون، أن هذه الإجراءات تمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق المواطنين في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية، وتكرّس واقع القمع الذي تعيشه العاصمة صنعاء تحت سيطرة الحوثيين.
تحويل المساجد إلى “مقايل” لتناول القات
في سياق متصل، أفادت تقارير محليةؤ بأن ميليشيا الحوثي لم تكتفِ بمنع صلاة التراويح، بل قامت بتحويل بعض المساجد إلى أماكن لتعاطي نبتة “القات”، وذلك خلال المحاضرات الرمضانية التي يلقيها زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي.
وأكدت المصادر، أن الحوثيين وزعوا “القات” على عناصرهم ومؤيديهم داخل المساجد، في خطوة تهدف إلى جذب مزيد من الحضور إلى المحاضرات التي تتضمن خطابات طائفية وأفكارًا أيديولوجية تتعارض مع النسيج الاجتماعي اليمني.
ولم يقتصر الأمر على القات، بل شمل توزيع مواد أخرى مثل “الشمة” و”البردقان”؛ مما أدى إلى تلويث المساجد وتحويلها إلى أماكن غير صالحة للعبادة.
وأوضحت المصادر، أن هذه الممارسات تأتي ضمن محاولات الجماعة لترسيخ أفكارها بين الشباب والأطفال، مستغلة محدودية الوعي لدى بعض الفئات، وهو ما اعتبره المواطنون إهانة للمقدسات الدينية وانحرافًا خطيرًا عن الدور الحقيقي للمساجد.
ردود فعل غاضبة ومخاوف من تصاعد التوترات
وأثار هذا التصعيد الحوثي استياءً واسعًا في الأوساط اليمنية، حيث عبر المواطنون عن غضبهم من الممارسات القمعية التي تستهدف حرية العبادة.
وأكد العديد من السكان أن هذه الخطوات تعكس رغبة الجماعة في فرض سيطرتها الفكرية بالقوة، دون مراعاة لعادات وتقاليد المجتمع اليمني الذي يولي أهمية كبيرة للشعائر الدينية، خاصة في شهر رمضان.
ويرى مراقبون، أن هذه الانتهاكات قد تؤدي إلى تصاعد التوترات الاجتماعية والدينية، في ظل استمرار الحوثيين في فرض رؤيتهم الأيديولوجية بالقوة؛ مما يزيد من حالة الاحتقان في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
تأتي هذه الأحداث في وقت تزداد فيه القيود المفروضة على الحريات العامة في صنعاء، حيث بات السكان يواجهون تضييقًا مستمرًا على ممارساتهم الدينية، وسط تدهور الأوضاع الإنسانية والاجتماعية.
ويخشى كثيرون من أن يكون هذا التصعيد مقدمة لمزيد من الإجراءات القمعية خلال شهر رمضان؛ مما يهدد التعايش السلمي في العاصمة ويكرس واقعًا جديدًا من القمع والتضييق على الحريات الدينية.