في خطوة تاريخية تهدف إلى تعزيز الأمن الداخلي ومواجهة التهديدات المتصاعدة، بدأ البرلمان الألماني مناقشة مشروع قانون يقضي بحظر جماعة الإخوان الإرهابية بشكل نهائي داخل البلاد.
وتأتي هذه المناقشات في وقت تزداد فيه الضغوط على الجماعة التي تُواجه اتهامات بالتطرف والسعي إلى تقويض النظام الديمقراطي في أوروبا.
تحركات برلمانية لحظر الإخوان
انطلقت مناقشات البرلمان الألماني بعد أن قدمت إحدى الكتل البرلمانية مشروع قانون يهدف إلى التصدي للمنظمات المتطرفة، وفي مقدمتها جماعة الإخوان.
وقد تم إحالة المشروع إلى لجنة الشؤون الداخلية لمراجعته وإعداد تقرير مفصل قبل طرحه للتصويت في الجلسة العامة للبرلمان.
يستند المشروع إلى ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة ضد الجماعات التي تُمثل تهديدًا للاستقرار، ويُؤكد على أهمية مكافحة معاداة السامية والتطرف الديني بجميع أشكاله.
ويُشير نص المشروع إلى أن جماعة الإخوان وفروعها في ألمانيا تُمثل خطرًا على الأمن القومي، مما يستوجب فرض حظر كامل على أنشطتها.
إجراءات تنفيذية مشددة
يتضمن مشروع القانون مقترحات عملية لتنفيذ الحظر، من بينها اتخاذ إجراءات صارمة ضد المنظمات المرتبطة بجماعة الإخوان، وفي مقدمتها “جمعية الجالية المسلمة في ألمانيا” (DMG)، التي تعتبر الذراع الرئيسة للجماعة داخل الأراضي الألمانية.
كما يُطالب المشروع بمراقبة أنشطة جمعيات المساجد، لضمان عدم تسلل الفكر المتطرف إلى دور العبادة، خاصة فيما يتعلق بتدريب الأئمة والمناهج التي يتم تدريسها داخل هذه المؤسسات.
ويُؤكد المشروع على ضرورة اتخاذ إجراءات فورية لمنع أي محاولات اختراق من قبل الجماعة أو أي جهات تُدعمها من الخارج.
إعادة صياغة استراتيجيات مكافحة التطرف
يُشدد مشروع القانون على أهمية إعادة هيكلة سياسات مكافحة الإرهاب والتطرف، بحيث تعكس التهديدات الفعلية التي تمثلها الجماعات المتطرفة داخل ألمانيا.
ويقترح المشروع تعزيز الجهود الأمنية لمواجهة هذه التحديات، وتحديث آليات المراقبة والتصدي للجرائم ذات الدوافع السياسية والدينية.
كما يدعو المشروع إلى تكثيف الرقابة على مصادر التمويل الأجنبي للمنظمات الإسلامية؛ لمنع أي تدخلات خارجية قد تُؤثر على استقرار البلاد.
ويرى مقدمو المشروع أن التمويل الخارجي يُمثل أحد الأدوات الرئيسة التي تعتمد عليها الجماعات المتطرفة لنشر أيديولوجياتها واستقطاب المزيد من الأتباع.
الإخوان تحت ضغط متزايد
تأتي هذه المناقشات في ظل تزايد الضغوط على جماعة الإخوان في ألمانيا، خاصة مع تصاعد الدعوات داخل الأوساط السياسية لحظر نشاطها بالكامل.
ويرى سياسيون أن الجماعة استغلت الغطاء القانوني الذي يتيحه النظام الديمقراطي في البلاد لنشر أفكارها والتأثير على الجاليات المسلمة بطرق غير مشروعة.
في السياق نفسه، تتصاعد المطالبات بحظر المنظمات المرتبطة بالإخوان، وفرض قيود صارمة على أنشطة المساجد التي يشتبه في كونها خاضعة لنفوذ الجماعة.
كما يتم بحث إمكانية اشتراط التزام الأئمة بمعايير معينة، بما في ذلك الحصول على تدريب محلي وإلقاء الخطب باللغة الألمانية، لضمان انسجامهم مع القيم الدستورية للبلاد.
خطوة حاسمة لمستقبل الأمن في ألمانيا
يُعد طرح هذا المشروع للمناقشة خطوة غير مسبوقة في مسار التعامل مع الجماعات المتطرفة داخل ألمانيا، حيث يُمثل تحولًا كبيرًا في السياسة الداخلية تجاه الإسلام السياسي.
وإذا تم تمرير المشروع، فسيكون ذلك بمثابة ضربة قاصمة لجماعة الإخوان التي تعتمد على العمل من خلال المنظمات المدنية لتحقيق أهدافها.
من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة نقاشات مكثفة حول مشروع القانون، خاصة في ظل الجدل المستمر حول حرية المعتقد والتعبير من جهة، ومتطلبات الأمن القومي من جهة أخرى.