تشهد الساحة اللبنانية تطورات متسارعة مع استمرار الهدنة بين حزب الله وإسرائيل، وهو ما أتاح للمعارضة السياسية فرصة لتكثيف جهودها بشأن إنهاء الشغور الرئاسي المستمر منذ فترة طويلة.
وبدعم خارجي وتقارب داخلي محدود، يسعى الفرقاء اللبنانيون للوصول إلى توافق حول شخصية رئيس الجمهورية المقبل، خصوصًا في ظل دعوات دولية لتجاوز الخلافات وتعزيز الاستقرار.
على الرغم من دعم حزب الله لأي توافق داخلي، تبقى الخلافات حول هوية الرئيس المستقبلي قائمة، يُتوقع أن تشهد الفترة المقبلة دورًا أكبر للجيش اللبناني كضامن للاستقرار، وسط مطالب برئيس يوازن بين كل الأطراف دون انحياز.
والتحدي الرئيسي يكمن في تحقيق توافق داخلي مدعوم خارجيًا لضمان فترة رئاسية تعيد الاستقرار وتستجيب للتحديات السياسية والاقتصادية في البلاد.
تحركات قوى المعارضة
وقد باشرت الكتل النيابية المعارضة اتصالاتها ولقاءاتها؛ للبحث والتشاور حول اسم مرشح لرئاسة الجمهورية، تكون قادرة على تسويقه مع الفريق الآخر، خصوصاً الذي كان له الدور الأساسي في تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ نحو 25 شهرًا.
وأقرّ عضو كتلة حزب القوات اللبنانية، النائب غياث يزبك، بأن هناك مراجعة فيما خصّ ترشيح المعارضة الوزير السابق جهاد أزعور، بحيث يتم البحث عن طروحات وأشخاص لا يشكلون تحدياً للآخرين، وهو ما يفترض أن يقوم به فريق الممانعة.
ورغم مضي أكثر من عامين على الفراغ الرئاسي، فإن الأطراف؛ بما فيها نواب المعارضة، عادوا للحديث عن مواصفات الرئيس العتيد، ورأى النائب يزبك أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى رئيس ملّم بالاقتصاد، وقادر على القيام بالإصلاحات المطلوبة، ويحظى بثقة المؤسسات الدولية، بما فيها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وإذا اقتضت اللعبة السياسية البحث عن أسماء أخرى لا تشكل تحدياً لأحد، فلا مانع.
وقال: نمى إلينا أن مرجعية الممانعة الثنائي الشيعي بدأت تدرس التخلي عن ترشيح سليمان فرنجية، لذلك بات المسرح مفتوحاً على مقاربة ملفّ الرئاسة بصفته حاجة وطنية ودستورية، مشيراً أن “القوات اللبنانية” وقوى المعارضة لا تسعى لملء موقع رئاسة الجمهورية بأي شخص، بل تريد رئيساً سيادياً إصلاحياً قادراً على النهوض بلبنان، وعلى معالجة الملفات السياسية والأمنية، وإعادة بناء الجسور مع الأشقاء العرب، بعد الإساءات التي صدرت بحقهم عن قوى الممانعة.
ويقول المحلل السياسي طوني حبيب: إن الهدنة الحالية بين حزب الله وإسرائيل قد تمهد الطريق لتفاهمات جديدة في الداخل اللبناني، لكن إنهاء الشغور الرئاسي يتطلب توافقًا أكبر بين القوى المتصارعة، خاصة مع تباين المواقف الإقليمية.
وأضاف حبيب – في تصريحات خاصة لملفات عربية-، أن الوضع الرئاسي الحالي يعكس الانقسام السياسي العميق. أي خطوة لإنهاء الشغور تحتاج لرئيس توافقي يستطيع التفاعل مع الأزمات الاقتصادية والسياسية القائمة، والرهان على استثمار الهدنة لتسريع الملف الرئاسي وارد، لكن الفراغ سيستمر إذا استمرت التجاذبات بين الأطراف الداخلية والخارجية.