منذ الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، شكل الوجود العسكري الأمريكي جزءاً رئيسياً من الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط، بهدف مكافحة الإرهاب وضمان استقرار البلاد.
إلا أن قرار الانسحاب يعكس تغيّراً في سياسة الولايات المتحدة تجاه المنطقة، خاصة بعد سنوات من الانخراط العسكري المكلف والمثير للجدل، هذا القرار يأتي في ظل ضغوط محلية متزايدة للتركيز على الشؤون الداخلية، إضافة إلى إعادة توجيه الموارد لمواجهة تحديات أخرى مثل التنافس مع الصين وروسيا.
وفي ظل النقاش الدائر حول بقاء القوات الأميركية والتحالف الدولي لمحاربة داعش في العراق، أكد المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، أن المرحلة الأولى من انسحاب القوات الأميركية في العراق ستنتهي العام المقبل.
وأضاف – في تصريحات إعلامية اليوم السبت-، أن لدى الحكومة العراقية اتفاقاً سمي باسم “إنهاء مهمة التحالف الدولي المشترك”، بني على أساس لجنة رفيعة المستوى اجتمعت عدة مرات على مستوى العام الحالي.
مراحل أخرى من الانسحاب
كما أوضح، أن اللجنة توصلت إلى نتيجة بعيداً عن أي ظرف أو ضغط سياسي، وأضاف أنه تم التوصل إلى اتفاق مرض للطرفين، وحاز على موافقة الولايات المتحدة، مشيرًا أن المرحلة الأولى من الانسحاب ستنتهي في سبتمبر 2025.
فيما أشار أن المرحلة الثانية تبدأ من سبتمبر 2025 وتنتهي في سبتمبر 2026، حيث إن هناك اتفاقاً بإطار زمني واضح بين واشنطن وبغداد حول المسألة، لكن واشنطن التزمت الصمت إلى حد كبير جداً.
كذلك أكد وزير الدفاع العراقي قبل شهرين التوصل إلى اتفاق حول انسحاب قوات التحالف على مدى سنتين، وتحويل العلاقة إلى شراكة أمنية مستدامة.
ويبقى مستقبل العراق بعد الانسحاب الأمريكي غير واضح، حيث ستواجه الحكومة العراقية تحديات في تحقيق الاستقرار ومكافحة الجماعات المسلحة دون الدعم الأمريكي.
كما أن تأثير هذا الانسحاب على التوازن الإقليمي قد يكون كبيراً، خاصة في ظل تصاعد التوترات بين القوى الإقليمية المتنافسة؛ مما قد يعيد تشكيل المشهد السياسي والأمني في المنطقة.
ويقول الباحث السياسي العراقي عبد الكريم الوزان: إن يمكن أن ينظر بعض الأطراف في العراق إلى هذا الانسحاب على أنه فرصة لتعزيز سيادة البلاد واستعادة القرار الوطني دون تدخلات خارجية، إلا أن التحدي الأكبر سيكون قدرة القوات العراقية على ملء الفراغ الذي سيتركه الأمريكيون، خاصة في ظل التحديات الأمنية المتفاقمة من قبل تنظيم داعش والميليشيات المسلحة.
وأضاف الوزان – في تصريحات خاصة لملفات عربية-، إن إدارة ترامب تراهن على تقليل الإنفاق العسكري والتركيز على الداخل الأمريكي، ولكن يجب ألا نتجاهل أن هذا الانسحاب قد يدفع حلفاء واشنطن في الخليج إلى إعادة تقييم مواقفهم، خاصة فيما يتعلق بالتوازن الإقليمي ومواجهة النفوذ الإيراني المتزايد، لذا، قد نشهد في المستقبل القريب تحركات دبلوماسية مكثفة من دول المنطقة لضمان أن هذا الانسحاب لن يتسبب في تصاعد التوترات بشكل خطير.