انقلبت الأوضاع رأسا على عقب، خلال الساعات القليلة الماضية، منذ تأكيد مقتل حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله وكبار قادة الحزب، بضربات غير مسبوقة منذ عام 2006 شنتها إسرائيل على ضاحية بيروت الجنوبية، يوم الجمعة.
وهو ما طرح تساؤلات عدة بشأن مستقبل حزب الله وخطواته القادمة مع الأمين العام الجديد وتطورات الأوضاع في لبنان الذي يشهد ضربات متتالية مؤخرا، مع تصاعد حرب غزة وتوقف المفاوضات، في ظل الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة لمحاولات التفاوض والضربات العسكرية.
وفي هذا الشأن، يرى الإعلامي السعودي والباحث السياسي عبدالعزيز الخميس، أنه بعد غياب حسن نصر الله، سيتم البدء في عهد شرق أوسطي جديد، وتغيير في اتجاهات حزب الله، وأيضًا ستؤدي وفاة نصرالله لتغير في سياسات إيران، وهو ما سيؤثر على الارتباطات بين طهران وبيروت والقدس وواشنطن.
وأضاف الخميس، في تغريدة عبر حسابه بمنصة “إكس”، أن: “سبق أن قال حسن نصر الله إن إسرائيل كانت (تهتز وترتجف) من الخوف، (أوهن من شبكة العنكبوت).. فتبين أن حزب الله هو شبكة العنكبوت وحسن نصرالله العنكبوت نفسه”.
وتوقع الخميس، أنه يمكن أن يشهد حزب الله سيناريو الفوضى والاضطراب السياسي بسبب تفكك داخلي داخل حزب الله، وصراع على القيادة قد يؤدي إلى فوضى وعدم استقرار في المنطقة؛ مما قد يدفع إسرائيل للتدخل، أو سيناريو القيادة البديلة: إذا كان هناك خليفة جاهز مثل نائب أو شخصية بارزة أخرى في حزب الله، فقد تستمر السياسات كما هي ولكن بتغيير بعض التكتيكات والاستراتيجيات، أو سيناريو التغيير في السياسة الإقليمية: فقد تستغل بعض القوى الدولية أو الإقليمية هذا الحدث لمحاولة إعادة رسم الخريطة السياسية في لبنان أو لتحييد حزب الله.
وأكد أن حزب الله، بالطبع، لم ينتهِ، والحركة تحتفظ بآلاف المقاتلين وجزء كبير من ترسانتها، لكن ما فقده حزب الله بوضوح داخل لبنان هو هالة القوة التي لا تقهر والتي سمحت له بالسيطرة بشكل أساسي على الدولة اللبنانية، لافتاً إلى أنه يخاطر حزب الله الآن بمكانته مع قاعدته داخل المجتمع الشيعي في لبنان، خاصة وأن سكان المناطق الشيعية في الجنوب ووادي البقاع يفرون من منازلهم بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية، حيث جاءت حرب حزب الله بنتائج عكسية، فقد دمرت أجزاء كبيرة من الجنوب، وأصبح مئات الآلاف من الشيعة على الطريق أو لاجئين في بلدهم. فكيف يضمن حزب الله عدم خسارة هؤلاء الناس؟.
كما يرى عبدالرحمن الراشد، الإعلامي البارز ورئيس التحرير السابق لصحيفة “الشرق الأوسط” وقناة “العربية”، أنه بالتأكيد لم يحدث لحزب الله مثل هذا التدمير من قبل، ومن المؤكد سيحتاج إلى وقت طويل ليعود بكامل قوته، لكن التحديات كثيرة، منها أن إسرائيل ستسعى لمنعه من التشكل وإعادة بناء قوته من جديد، وربما تضطر إيران لإعادة ترتيبه، بدون صواريخ ودرونز، ليسيطر على لبنان ويكون قوتها في سوريا فقط.
ولفت الراشد في تغريدته على حسابه الرسمي، أن حزب الله هو الغوريلا الضخمة في الساحة اللبنانية، فلقد هيمن على كل مناحي الحياة، بعد أن قام بعمليات اغتيالات كبيرة لقادة وسياسيين ومثقفين وبقوة السلاح صار الحاكم الحقيقي خلف الواجهات المزورة من برلمان ورئاستين واستخدم الجيش لأغراضه، ولكن هذه المرة إسرائيل حصرت هجماتها على حزب الله ومناطقه، بخلاف الحربين الماضيتين التي دمرت مرافق البلاد ومدنه.
واستطرد، أن هناك خطر أن تقوم ميلشيات حزب الله المحلية بإشعال معارك مسلحة في بيروت وخارجها للتأكيد على سلطتها وخلق مناخ من الفوضى مع الفراغ وربما أيضاً نتيجة رغبة القوى اللبنانية الخروج على سلطته في مناطقها، مشيرًا إلى أن الفراغ، أو الاعتقاد بوجود فراغ في لبنان، خطير وقد يؤدي إلى حرب أهلية، خاصة مع ضعف قدرات حزب الله العسكرية الموجهة ضد إسرائيل، (أما الداخلية فالأرجح أنها متماسكة).
كما رجح أنه بعد مقتل نصر الله، سيؤثر ذلك على إيران كثيراً في سوريا والعراق واليمن، وستضعف مساومتها في مفاوضاتها المقبلة المتوقعة بعد الانتخابات الاميركية نتيجة تدمير ذراعها الخارجي ألأهم.
وفيما يخص القضايا التي ستشغل الحزب في المرحلة الحالية، فيرجح الراشد انه سيبدأ في البحث عن مصدر الاختراقات، لأنه لن يستطيع ولا إيران ستساعده على إعادة بناء قدراته وإحلال قياداته طالما وجد هناك طابور من الجواسيس العاملين لإسرائيل يبدو أنهم في أعلى المراتب، وسيحتاج إلى التعامل مع هذا الموضوع الحساس.
وذكر أن مخلفات هزيمة الحزب ومن بينها إدارة اللوجستية وهي التي بدأت منذ أمس مع انتشار شكاوى المنتمين للحزب وعائلاتهم والمهجرين بدون مساكين، ولا يوجد أحد يدير هذه العمليات التي تهدد سمعته وعلاقاته الداخلية، مضيفًا: “ولا ننسى أن القادة ومئات الأفراد الذين دفنوا تحت ركام المباني أيضاً دفنت معهم خزائن الحزب بمئات ملايين الدولارات. وستضطر إيران أن تعوضهم عنها أو تستعين بالعراق ليقوم بالمهمة”.
وفي سياق متصل، أكدت الإيكونوميست، أن حسن نصر الله أمضى سنوات في الحديث عن “محور المقاومة”، وهو كوكبة من الميليشيات المدعومة من إيران والملتزمة بمحاربة إسرائيل وأميركا.
وقال: إنهم أقوياء ومتحدون، ثم قطعت إسرائيل رأس أقوى ميليشيا في غضون أسابيع، بينما جلست إيران مكتوفة الأيدي.
وقالت: إن حزب الله ليس على وشك الاختفاء: فهو يمتلك آلاف الثوار المسلحين، وترسانة من الصواريخ بعيدة المدى وقاعدة من الدعم الشعبي. ولكن الميليشيا التي ستخرج من هذه الحرب ستكون مختلفة تمام الاختلاف عن تلك التي دخلتها.
ورغم التكتم الإسرائيلي على أنواع الأسلحة المستخدمة في الهجوم، ترجح عدد من المصادر إسقاط قنابل تزن أكثر من 2000 رطل.
كشفت رويترز نقلا عن مصدرين، تأكيدهم انتشال جثمان الأمين العام لجماعة حزب الله حسن نصر الله من موقع الهجوم الجوي الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت.
وأكدت الوكالة، أنه تم استخراج جثة حسن نصرالله “سليمة” وبدون جروح، ويبدو بأنه توفي بسبب صدمة حادة من قوة الانفجار.