خلال الآونة الأخيرة، تزايد التقارب بين إيران وجماعة الإخوان المسلمين، وتحديدًا جبهة لندن التي يتزعمها صلاح عبدالحق، وهو ما تبين بشدة في أعقاب مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الذي تابعته الجماعة في بريطانيا عن كثب وباهتمام بالغ، على خلاف جبهة تركيا التي التزمت الصمت حيال ذلك الأمر.
أظهر ذلك، التقارب تشتت وانقسام جماعة الإخوان الداخلية باختلاف فروعها، حيث ما زال بعضها على النهج القديم للتنظيم الذي يرتبط مع طهران بالفكرة الأساسية للإسلام السياسي وهو الوصول إلى سدة الحكم، وضرورة حمل السلاح لتطبيق أفكارهما الأيديولوجية، ويتفقان في عدة مبادئ أساسية على رأسها الاغتيالات السب لصالح الجماعة، كما أن الإخوان أسست فرعًا لها في إيران ويعمل تحت غطاء رسمي وبمباركة الحكومة الإيرانية وهي جماعة الإصلاح والدعوة ويقودها عبد الرحمن بيراني مرشد الإخوان هناك والجماعة، بل أكثر من ذلك هناك ساحة كبيرة وميدان كبير في إيران باسم “حسن البنا”.
وعلى الرغم من وجود تقلبات عديدة في علاقتهما، أدركت كل من حركة الخميني وجماعة الإخوان المسلمين حاجتهما لبعضهما البعض، على الأقل، كحلفاء لتحقيق أهداف تكتيكية. وكان كلا الفصيلين مناهضين للأوضاع الراهنة، يسعيان إلى تحطيم توازن القوى الذي تم تأسيسه في الشرق الأوسط، في أعقاب الحرب العالمية الأولى. وكان كلاهما يرغب في انتزاع السلطة من النخب الحاكمة التي تعتمد على المؤسسة العسكرية.
والأهم من ذلك، هو أن كلاهما كان حاسمًا في نبذ العالم الحديث، على الأقل ما يتعلق منه بالرسائل السياسية والثقافية، وبالتالي، فليس مفاجئا أن المؤلفات التي كتبها سيد قطب المصري، وأبو علاء المودودي الباكستاني، التي ترجم بعضها خامنئي، تم تقدميها باعتبارها “الفلسفة الإسلامية” في نظام الخميني.
ومع ذلك التلاقي والتقارب الكبير الممتد، تشعبت بدورها العلاقات بين طهران وأذرع الإخوان في الدول العربية، حتى أصبح بعض أحفاد البنا مرتزقة ايرانيين يعملون لأغراض التوسع الايراني، وأداة في يد طهران التي توجه لهم الأوامر والتعليمات التي يتلقونها بمبدأ السمع والطاعة.
ومن بين الدول العربية التي تشعبت بداخلها إيران والإخوان بأفكارهما الإرهابية، كان الأردن، الذي يعاني منذ سنوات من تلك المساعي الإجرامية، والعلاقات “الشائكة” بين القيادة الأردنية وحركة الإخوان المسلمين ومن ورائها حركة حماس وإيران.
وسبق أن وجه مسؤولين أردنيين اتهامات مبطنة لطهران بالوقوف وراء عملية تهريب أسلحة للمملكة لمساعدة معارضين بهدف تنفيذ أعمال تخريبية، تزامنا مع تصريحات لخالد مشعل دعا خلالها الشارع الأردني لمواصلة التظاهر مع غزة، ما أثار عاصفة من الاستياء في الأوساط الرسمية الأردنية.
كما أنه في مايو الماضي، أحبط الأردن مخططا لتهريب الأسلحة يعتقد أنه كانت تقوده إيران، ويهدف إلى “مساعدة المعارضة في المملكة الأردنية على القيام بأنشطة تخريبية”.
نشرت وكالة “رويترز” للأنباء هذا الخبر يوم الأربعاء 15 مايو، نقلاً عن مصدرين أردنيين مطلعين على هذه القضية، قال المصدران: إن الأسلحة أرسلتها ميليشيات مدعومة من إيران في سوريا إلى خلية تابعة للإخوان المسلمين في الأردن مرتبطة بالجناح العسكري لحركة حماس المتطرفة.
وتمت مصادرة هذه الشحنة عندما ألقي القبض على أعضاء هذه الخلية في أواخر شهر مارس، والمعتقلين هم أردنيون من أصول فلسطينية، ورفض المصدران الأردنيان، اللذان تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما بسبب مخاوف أمنية، الإفصاح عن الأعمال التخريبية التي تم التخطيط لها، مشيرين إلى التحقيقات والعمليات السرية الجارية، وقالا: إن الخطة تهدف إلى زعزعة استقرار الأردن.
لذا تتزايد المخاوف بشأن تصاعد التهديدات التي يشكلها النظام الإيراني من خلال تهريب الأسلحة والمخدرات في منطقة الشرق الأوسط، خاصة في الأردن، الذي أكد مرارًا أن الميليشيات المدعومة من النظام الإيراني، والتي تهيمن على جنوب سوريا، متورطة في تهريب المخدرات إلى الأراضي الأردنية.
وبسبب ذلك ففي الشهرين الماضيين شهدا توتراً ملحوظاً بين عمان وطهران، التي نفت سابقا تورطها في عمليات التهريب هذه، إثر الهجوم بمئات الصواريخ والمسيرات الذي نفذته نحو إسرائيل، ورد الأخيرة أيضا، حيث إنه خلال العام الماضي، أعلن الأردن مرارا إحباط العديد من محاولات تهريب أسلحة ومخدرات، نفذها متسللون مرتبطون بالميليشيات الإيرانية في سوريا.
وتعتقد السلطات الأردنية، أن إيران والجماعات المتحالفة معها مثل حماس وحزب الله اللبناني تحاول تجنيد أعضاء متطرفين شباب من جماعة الإخوان في البلاد للانضمام إلى جماعاتهم المناهضة لإسرائيل والولايات المتحدة، في محاولة لتوسيع شبكة طهران الإقليمية من الميليشيات.
وفي المقابل، أكد ممثل كبير للإخوان في الأردن أن بعض أعضاء الجماعة اعتقلوا بالفعل في مارس الماضي وبحوزتهم أسلحة، موضحًا أن كل ما فعلوه لم توافق عليه الجماعة، مضيفًا أنه يشتبه في أنهم كانوا يقومون بتهريب الأسلحة إلى الضفة الغربية وليس التخطيط لأعمال في الأردن.
ولفت إلى أن “هناك حوارًا بين الإخوان والسلطات الأردنية”، زاعما أن عمان تدرك أنه في حال ارتكاب أي أخطاء فلا تتحمل الجماعة برمتها المسؤولية عنها بل أفراد فيها فقط.
كما قال عضو كبير آخر في الجماعة: إن أعضاء الخلية المعتقلين تم تجنيدهم من قبل القيادي في حماس صالح العاروري، الذي كان العقل المدبر لعمليات الجماعة في الضفة الغربية من منفاه في لبنان، قبل أن تغتاله إسرائيل بمسيرة في بيروت بيناير الماضي.
وتم الكشف مؤخرًا عن مؤامرة كانت تستهدف زعزعة استقرار الأردن الذي يمكن أن يصبح نقطة توتر إقليمية في أزمة غزة، إذ يستضيف قاعدة عسكرية أميركية ويشترك في الحدود مع إسرائيل، وكذلك سوريا والعراق، حيث توجد فصائل متحالفة مع إيران، حيث أن مسؤولي الاستخبارات استدعوا 10 شخصيات بارزة في جماعة الإخوان لإبلاغهم بأنهم اعتقلوا خلية كانت تعمل بمثابة جسر بين حركتهم و”حماس”.
ويعود العداء بين إيران والأردن لعام 2004، بعد غزو قادته الولايات المتحدة للعراق عندما اتهم الملك عبدلله طهران بمحاولة تشكيل “هلال شيعي” لتوسيع نطاق نفوذها في المنطقة.
ويتصدى الجيش الأردني منذ سنوات لعمليات تسلل وتهريب أسلحة ومخدرات، لا سيما حبوب الكبتاغون، براً من سوريا التي تشهد منذ عام 2011 نزاعاً دامياً تسبب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص، وألحق دماراً هائلاً وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.