تسببت وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في زلزلة طهران بأكملها والتأثير على اقتصادها وأوضاعها ومخططاتها المستقبلية، وعلى رأسها الخطط النووية، لاسيما مع الأحداث الأخيرة التي جرت وإعلان البلاد نيتها لتغيير عقيدتها الذرية ومحاولات إحياء الاتفاق النووي.
لذا فإنه من المتوقع أن يتسبب رحيل رئيسي في أن يدفع إيران إلى مراجعة خططها الخاصة بإنتاج قنبلة نووية، وفق تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.
وطرح التقرير تساؤلًا عن فرضية أن “تجازف إيران بأمنها وتتسابق لإنتاج قنبلة نووية” مع حالة عدم اليقين التي تخيم على البلد منذ مقتل رئيسي في حادث تحطم مروحيته، وبعد أسابيع قليلة من تصعيد غير مسبوق بينها وبين إسرائيل.
وترى الصحيفة أنّ مقتل رئيسي أدخل حالة من الإرباك على خطط طهران في هذا الاتجاه، حيث لم تتخذ طهران قرارًا ببناء سلاح نووي حتى الآن، على الرغم من أنها تمتلك على الأقل معظم الموارد والقدرات التي تحتاجها للقيام بذلك.
وأضافت أن “وفاة رئيسي خلقت فرصة للمتشددين في البلاد الذين لا يمانعون في فكرة التحول إلى إنتاج أسلحة نووية”.
ولفتت إلى أنه “حتى قبل وفاة رئيسي، كانت هناك مؤشرات على أن موقف إيران ربما بدأ يتغير. وكان تبادل القصف مع إسرائيل قد أثار تغييرًا في اللهجة في طهران”.
وسبق أن قال كمال خرازي، أحد كبار مستشاري المرشد الأعلى الإيراني، في 9 مايو الجاري: “ليس لدينا قرار بإنتاج قنبلة نووية، لكن إذا تعرض وجود إيران للتهديد، فلن يكون هناك خيار سوى تغيير عقيدتنا العسكرية”.
وفي أبريل الماضي حذر قائد عسكري سابق من أن إيران يمكنها تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 90% المطلوبة لصنع قنبلة نووية في “نصف يوم، أو في أسبوع واحد”.
كما قال المرشد الأعلى علي خامنئي إن النظام “سيرد على التهديدات على نفس المستوى”، ما يعني ضمنًا أن الهجمات الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية من شأنها أن تؤدي إلى إعادة التفكير في الموقف النووي الإيراني، بحسب الصحيفة الأمريكية.
واعتبرت “نيويورك تايمز” أنّ “علاقة إيران بالتكنولوجيا النووية كانت دائمًا غامضة، بل ومتناقضة، وعلى امتداد عقود أبقت إيران القوى الخارجية في حالة من التخمين والقلق بشأن نواياها النووية، لكنها لم تتخذ قط القرار بتجاوز عتبة التسلح بشكل كامل”.
وأوضحت أن “هناك عدة أسباب مهمة وراء ذلك، منها التحفظات الدينية بشأن أخلاقيات الأسلحة النووية وعضوية إيران في المعاهدة العالمية لمنع انتشار الأسلحة النووية، لكن السبب الأكبر كان استراتيجيًا”.
وأشارت الصحيفة إلى أنه “تاريخيًا، خلص قادة إيران إلى أنهم سيستفيدون من “اللعب وفقًا لقواعد” النظام الدولي لمنع الانتشار النووي أكثر مما قد يكسبونه من السباق نحو الحصول على القنبلة النووية، وللقيام بذلك، يتعين عليهم أولًا الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، الأمر الذي من شأنه أن يفضح نواياهم أمام العالم ويمكن أن يستدعي التدخل العسكري الأمريكي”.
كما أن طهران مترددة في الرضوخ للمطالب الغربية وتفكيك برنامجها بالكامل، لأن ذلك من شأنه أن يُظهر نوعًا من الضعف.
لذا خلص التقرير إلى أن “هذه الوسيلة الاستراتيجية نجحت بشكل جيد بالنسبة لإيران حتى الآن، حيث أدى عقدان من السياسة النووية الأمريكية المختلة تجاه إيران إلى خلق ديناميكية خطيرة، وتقوم إيران بتخصيب اليورانيوم، إما كموقف دفاعي أو كتكتيك تفاوضي، وتشق طريقها تدريجيًا نحو القدرة على صنع سلاح نووي ربما لا تريد حقًا”.