تستعد الولايات المتحدة الأمريكية لتمويل مهمة حفظ سلام متعددة الجنسيات أو فريق حفظ سلام فلسطيني في قطاع غزة.
ونقلت مجلة “بوليتيكو” عن مسؤولين في “البنتاغون” ومسؤولين أمريكيين آخرين، طلبوا جميعًا عدم الكشف عن هوياتهم، أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تجري محادثات مبكرة لتمويل مهمة حفظ سلام في قطاع غزة، إذ إن الخيارات التي يجرى دراستها في المفاوضات الدبلوماسية والعسكرية المغلقة لن تشمل نشر قوات أمريكية على الأرض.
بينما تفكر وزارة الدفاع الأمريكية بجدية في تمويل قوة لحفظ السلام لتلبية حاجات القوة الأمنية، وإكمال المساعدة المقدمة من دول أخرى.
فيما أكد مسؤول كبير في إدارة الرئيس جو بايدن “نعمل مع الشركاء على سيناريوهات مختلفة للحكم الموقت، والهياكل الأمنية في غزة، بمجرد انتهاء الأزمة”، لكنه لم يقدم مزيدًا من التفاصيل، مضيفًا: “أجرينا محادثات عدة مع الإسرائيليين وشركائنا في شأن العناصر الرئيسة لليوم التالي في غزة، عندما يأتي الوقت المناسب”.
وتوقعت المجلة الأمريكية أن يمر وقت طويل، ربما أسابيع أو أشهر، قبل أن تتوافق واشنطن وشركاؤها على أية خطة، مشيرة إلى رغبة الأطراف الإقليمية الفاعلة في رؤية التزام دولي بحل الدولتين، قبل الانخراط بجدية في الخيارات المتاحة.
وأشارت “بوليتيكو” إلى تداول تقارير عن تدريب قوة فلسطينية محتملة في الوقت المناسب، للحفاظ على النظام في غزة، بدا الموقف الإسرائيلي أكثر ترددًا إزاء المشاركة في مثل هذه المحادثات، وذلك حتى تحقيق هدفها المتمثل في هزيمة “حماس” عسكريًا، وضمان إطلاق سراح المحتجزين لدى الحركة.
كما أن مسؤولين داخل الحكومة الإسرائيلية دعوا إلى “احتلال غزة بعد الحرب”، وهو مقترح تعارضه الولايات المتحدة. وقال مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية، إن “إسرائيل هي العائق الرئيس في المفاوضات”، مشيرًا إلى “انشغال تل أبيب للغاية بأمور أخرى”، مضيفًا “لو كانت الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية متفقتين على الخطوة التالية، لكان الأمر مختلفًا، لكن الحال ليست كذلك”.
وتابع المسؤولون الأمريكيون الأربعة أن المحادثات تشمل البيت الأبيض ووزارتي الدفاع والخارجية، إضافة إلى نظرائهم الأجانب لبحث شكل القوة الأمنية المحتملة بعد اليوم التالي للحرب، مما يُشير إلى أن مثل هذه القوات تظل خيارات جادة وقابلة للتنفيذ، وتتبنى الخطط الأولية تمويلًا من “البنتاغون” لقوة أمنية، لكنها لن تشمل وجود قوات أمريكية على الأرض في غزة.
ونبه أحد المسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية إلى إمكانية استخدام المساعدات للإعمار والبنية التحتية والمساعدة الإنسانية والحاجات الأخرى، إذ إن القطاع قد دمر تمامًا، ومعظم سكانه البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة نزحوا ويعانون من صعوبة الوصول إلى الطعام والماء والدواء”.
ومن شأن المساعدات الأمريكية أن تكون مكملة لمساهمات الدول الأخرى. أما بالنسبة إلى فريق حفظ السلام المحتمل بقيادة فلسطينية، فلا يزال من غير الواضح من سيقوم بتدريب وتجهيز أعضائه، الذي يمكن أن يضم نحو 20 ألفًا من أفراد الأمن المدعومين من السلطة الفلسطينية منذ سيطرة “حماس” على القطاع.
وأضاف: “الوزارة بدأت بحث الخيارات لدعم نوع من القوة متعددة الجنسيات لتحقيق الاستقرار في غزة خلال العام الجديد (الجاري)، وذلك عندما كانت هناك توقعات بأن إسرائيل قد تبدأ قريبًا في إنهاء عملياتها”.
وعلى رغم أن المسؤولين الأمريكيين أجروا محادثات مع الشركاء الإقليميين في شأن شكل مثل هذه القوة، فإنه لم يؤكد أي منهم المشاركة؛ لأن الخطة لم تكتمل بعد، وفقًا لمسؤول في وزارة الدفاع، وأبلغت عديد من الدول في الشرق الأوسط إدارة بايدن بأنها ستنظر في المشاركة فقط عندما تتوفر خطة جادة لحل الدولتين.
وقال مسؤول أمريكي: إنه “على رغم أننا أجرينا محادثات على الهامش مع شركاء إقليميين في شأن ما سيكونون على استعداد للقيام به، والمساهمة فيه وقبوله، فإن ذلك لم يحظ باهتمام جدي من شريكنا الإسرائيلي”، ومضى في حديثه بالتأكيد أن إسرائيل “لا تتطلع” إلى رفع إشارة النهاية، لأنها “لم تحقق الأهداف التي تسعى إليها بعد في غزة”.
ويُركز “البنتاغون” حاليًا على زيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، وضمان أمن خطة الجيش الأمريكي لبناء رصيف لإيصال الموارد من طريق البحر إلى القطاع، وحث إسرائيل على النظر في “بدائل” لاجتياح مدينة رفح جنوب غزة.
أما “عما سيأتي بعد” المحادثات فأشار المسؤول الأمريكي إلى أنه يشمل أيضًا إمكانية حل الدولتين.
وعلى مدى الأشهر الخمسة الماضية جرى تداول سيناريوهات مختلفة في الأروقة الدولية حول مرحلة ما بعد الحرب في غزة، من بينها عودة السلطة الفلسطينية إلى حكم القطاع، مع تعديلات عليها أو تسليم الحكم لحكومة تكنوقراط، أو حتى إشراف مصري مع قوة سلام دولية لحفظ الأمن على الأرض، إلا أن أيًّا منها لم ينل نصيبه من التوافق الدولي والإقليمي بعد.