يسعى عدد من أعضاء البرلمان التونسي إلى سحب الثقة من رئيس المجلس إبراهيم بودربالة، وذلك بعد أكثر من سنة من انتخابه وتوليه رئاسة المجلس المنبثق عن المسار السياسي الجديد، الذي أقره الرئيس قيس سعيد منذ 25 من يوليو 2021؛ مما أثار جدلًا واسعًا داخل أروقة المجلس بشأن مدى جدية هذه الخطوة وتداعياتها على البرلمان.
وكشفت تصريحات عدد من النواب وجود نية سحب الثقة من بودربالة منذ مدة داخل كواليس البرلمان، وتحدثت بعض التقارير الإعلامية عن وجود عريضة يتم إمضاؤها من قِبل عدد من النواب الداعمين لإقالته، بسبب ما سموه “سوء إدارة المجلس”، ونتيجة للمشاكل التي تسبب فيها بودربالة مع السلطة التنفيذية.
لذا أثار ذلك جدلًا سياسيًا حول مفهومي سحب الثقة، وسحب الوكالة، التي جاء بها دستور 2022، وفسّرها القانون الانتخابي الجديد.
وتحدث هشام حسني، النائب المستقل بالبرلمان، عن أن عددًا من النوّاب عبروا عن رغبتهم في سحب الثقة من بودربالة، بسبب عدة مشاكل ظهرت خلال رئاسته للمجلس، وهو ما أدى إلى ما وصفه بـ”برود في العلاقة بين المجلس ورئيس الجمهورية”.
وأوضح أنه تم تقديم 26 مقترح قانون إلى رئاسة البرلمان بعد أن ناقشتها اللجان البرلمانية، لكن لم يعرض أي منها باستثناء مشروع قانون تجريم التطبيع الذي أثار كثيرًا من الجدل وأعيد إلى الرفوف، وهو ما يثير كثيرًا من علامات الاستفهام، حسب قوله.
وطالب حسني مكتب البرلمان بتحمّل مسؤوليته، وتطبيق النظام الداخلي، وتمرير مقترحات القوانين التي يتقدّم بها النواب بعد تدارسها من قِبل اللجان، ثم تمريرها إلى الجلسات العامة للحسم فيها.
وتابع أنه لم يشاهد منذ فترة طويلة أي لقاءات جمعت الرئيسين، منوهًا إلى أنه كان يدعم منذ الشروع في سن قانون النظام الداخلي لمجلس الشعب فكرة التداول على رئاسة البرلمان.
وأكد أن نواب الكتل النيابية الداعمة لتوجهات الرئيس سعيد “لديها احترازات كثيرة على أداء رئيس مجلس نواب الشعب خاصة في إدارة بعض الملفات المهمة”، مشيرًا إلى أن “التوجه العام داخل أروقة البرلمان وخارجه يسير في اتجاه التخلي عن إبراهيم بودربالة والبحث عن بديل آخر على رأس المؤسسة التشريعية”.
كما كشف عبد الجليل الهاني، نائب رئيس لجنة المالية بالبرلمان، وجود حالة لوم وانزعاج من رئيس البرلمان من قِبل عدد من النواب، نظرًا لما سماها انحرافات حصلت، وعدة أمور لم تسر مثلما يشتهي النواب، متوقعًا أن يتحول اللوم إلى سحب الثقة. وقال الهاني: إن هذا اللوم يتحول دائمًا إلى سحب الثقة في حال عدم إصلاح المشاكل.
كما قال محمد التليلي المنصري، المتحدث باسم هيئة الانتخابات التونسية: إن إجراء سحب الوكالة من رئيس البرلمان ممكنة كونه نائبًا عن الشعب قبل أن يكون رئيسًا للبرلمان، ويخضع للشروط نفسها التي تطبق على نواب البرلمان. وقد تضمن المرسوم الرئاسي المتعلق بتنقيح القانون الانتخابي بعض تلك الشروط، وهي “إخلال النائب بواجب النزاهة، أو تقصيره البين في القيام بواجباته النيابية، أو عدم بذله العناية المطلوبة لتحقيق البرنامج الذي تقدم به عند الترشح”.
وأضاف أن الهيئة حدّدت شرط عدد التوقيعات لتمرير سحب الوكالة بعُشر الناخبين، وهو ما عدّته عدة أطراف سياسية مغالاة في هذا الشرط، وقد يجعل إجراء سحب الوكالة من النواب غير ممكن بصفة عملية.