بعد التصريحات الإيرانية بشأن حقل الدرة، عادت الأزمات مجددًا في منطقة الخليج، حيث لا تزال القضية العالقة بين البلدين دون حل، وهو ما أثار تساؤلات حول مستقبل العلاقات وتلك الأزمة المتجددة.
وجاء ذلك الخلاف بعد تصريحات مسؤول إيراني كبير حذر فيها من أن بلاده ستجري عمليات استكشاف في حقل غاز الدرة المتنازع عليه في الخليج الفارسي إذا فعلت الكويت ذلك من جانب واحد، وقال نائب الرئيس للشؤون القانونية محمد دهقان، بحسب ما نقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية الرسمية: “نحن الطرف الذي اكتشف الحقل، وإيران لديها حصة”.
وأشار المسؤول الإيراني، إلى أن طهران لا تزال تسعى إلى التوصل إلى “تسوية سلمية” في هذا الشأن. وأضاف “لم نستغل الحقل لأننا لم نرغب في خلق أي مشكلة مع الكويت والجيران”.
بينما أضاف أن طهران تسعى إلى التنقيب “المتكامل”، منتقدًا السلطات الكويتية “لعدم تبني نهج بناء حتى الآن” ورفض الاتفاق الكويتي السعودي، الذي وصفته طهران مرارًا بأنه “غير قانوني”.
وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي نفت فيه الكويت رسميًا، في عدة مناسبات مؤخرًا، أي ملكية إيرانية في خزان الطاقة السليم، المعروف باسم أراش في إيران.
ويحتوي حقل الخليج العربي على ما يقدر بنحو 220 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، ويقع على الحدود البحرية الشرقية للكويت. وليس لإيران حدود مع الكويت، لكنها تقول إن جزءًا من الاحتياطيات لا يزال داخل مياهها الإقليمية.
وفي وقت سابق الأربعاء، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر الكناني لمسؤولين كويتيين: إن “الإدعاءات الأحادية في التصريحات لا تمنحهم أي حق [في حقل الغاز المتنازع عليه]”. وأعرب عن استعداد إيران لإجراء مفاوضات فنية وقانونية ضمن إطار يخدم مصالح الجانبين.
وكان الكناني يرد على بيان مشترك في دولة الإمارات العربية المتحدة أصدره الزعيم الكويتي الشيخ مشعل الأحمد والرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والذي أكد السيادة الكويتية والسعودية على الدرة ورفض مزاعم “الطرف الثالث”.
ومع ذلك، فقد تم استخدام كلمات أقوى في بيان صدر في نهاية اجتماع مجلس التعاون الخليجي الأسبوع الماضي، عندما اجتمع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الرياض.
وشددت الوثيقة على أن الدرة مملوكة حصرًا للكويت والسعودية، “ولهما وحدهما كامل الحقوق في استغلالها”. ومضت في رفضها القاطع “أي ادعاءات بوجود حقوق لأي جهة أخرى في هذا المجال”.
وفي تحليل سياسي لموقع “المونيتور”، أكد أن بذلك قد ترك مأزق الدورة المسؤولين الإيرانيين تحت ضغط، وليس فقط من جانب الأطراف التي تطالب به. وكان منتقدو حكومة الرئيس المتشدد إبراهيم رئيسي صاخبين في الداخل.
وفي حججها، تتعامل وزارة الخارجية الإيرانية مع الكويت والمملكة العربية السعودية بتساهل بسبب التحفظات السياسية، خاصة في ضوء اتفاق التقارب مع الرياض العام الماضي، والذي تم توقيعه لإنهاء سبع سنوات من الأعمال العدائية بين القوتين الإقليميتين.
وأشار التحليل السياسي، إلى ان المؤسسة الإيرانية، وفقاً لبعض معارضيها، تتنازل عن الحقوق الوطنية في الدورة لتجنب التعقيدات في مسار ذوبان الجليد السعودي.
وعلى وجه الخصوص، هاجمت وكالة أنباء “انتخاب” ذات الميول الوسطية، في مقال نشرته يوم الأربعاء، حكومة رئيسي لفشلها في إظهار “الشجاعة” والدفاع بشكل فعال عن “الحقوق المشروعة” لإيران في المجال المشترك.
وكتب انتخاب أن “الدبلوماسية المتعثرة” التي تتبعها حكومة رئيسي لن تؤدي إلا إلى تشجيع الكويت والمملكة العربية السعودية، وخلق “المزيد من المطالب المفرطة والمغامرة ضد مصالح إيران”.
ومن ناحيتها، أفادت وزارة الخارجية الكويتية بأن المنطقة البحرية الواقع بها حقل الدرة تقع في المناطق البحرية لدولة الكويت، وأن الثروات الطبيعية فيها مشتركة بين الكويت والسعودية، ولهما وحدهما حقوق خالصة في الثروة الطبيعية في حقل الدرة.
كما أكدت وزارة الخارجية السعودية، في وقت سابق، أن ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المقسومة، بما فيها حقل الدرة بكامله، هي ملكية مشتركة بين المملكة ودولة الكويت فقط، ولهما وحدهما كامل الحقوق السيادية لاستغلال الثروات في تلك المنطقة.
تم اكتشاف حقل الدرة في الستينيات، عندما مُنحت كل من إيران والكويت امتيازات بحرية. وفي ذلك الوقت، منحت الشركتان حقوق الحفر على التوالي لشركة النفط الأنجلو-إيرانية وشركة شل الملكية الهولندية. واستمر النزاع منذ ذلك الحين بسبب عدم وجود ترسيم بحري دقيق.
وبموجب اتفاق مارس 2023، وافقت الكويت والمملكة العربية السعودية، اللتان تتقاسمان أيضًا موارد الطاقة في نفس الموقع البحري، على تنفيذ مشروع تطوير مشترك في هذا المجال، مع استبعاد إيران بالكامل.
وترجع قضية حقل الدرة إلى الواجهة مجددًا بعد إعلان إيران عزمها التنقيب فيه، الأمر الذي أثار حالة واسعة من الانتقاد في ما اعتبر تدخلًا إيرانيًا في الشأن العربي.