تشهد ليبيا أزمات اقتصادية عديدة تزيد من المصاعب الحياتية للمواطنين، خاصة مع قرب شهر رمضان المبارك، لتصاعد المشاكل المالية وارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية ليقارب حاجز الثمانية دنانير للدولار.
وبسبب ذلك، تصاعدت حدة الخلاف بين الحليفين السابقين رئيس حكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة ومحافظ المصرف المركزي اللذين تبادلا الاتهامات بشأن المسؤولية عن الأزمة.
ومن ناحيته، أفاد رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبد الحميد الدبيبة، بأن الحكومة ستوظف جميع إمكانياتها للكشف عن ما سماه خيوط المؤامرة لفرض أجندة معينة، مؤكدًا أن الحديث عن إفلاس البلاد هدفه إبقاء ليبيا على وضعها الراهن، إذ أنه في أسبوع واحد، بيع 200 مليون دولار في السوق السوداء بأموال مزوّرة.
كما كشف الدبيبة عن مؤامرة تحاك لاستغلال أوضاع الناس والتضييق عليهم، ستعمل حكومته على كشف خيوطها، موضحًا: “سنقف بما يتوفر لدينا من الإمكانيات لكشف خيوط المؤامرة التي تحاك لاستغلال أوضاع الناس والتضييق عليهم في معاشهم من أجل فرض الغايات والأجندات”.
ويشكل ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازية ضغطًا كبيرًا على الحكومة والمصرف المركزيّ، الأمر الذي دفع المصرف المركزي لمطالبة مجلس النواب بتنفيذ حزمة إجراءات أهمها إضافة 27% على سعر صرف الدولار الرسميّ، ليصبح سعر الصرف إمَّا بـ5 دنانير و95 قرشًا أو 6 دنانير و15 قرشًا للدولار الواحد.
وأثارت هذه الأزمات مخاوف المراقبين، إذ يتخوّف مواطنون من تبعاتها المتمثّلة في ارتفاع أسعار السلع كافة، وما يترتب عليها من ارتفاع أكبر لسعر الدولار في السوق الموازية، رغم ترحيب اقتصاديون به كونه يعد نفعا للحكومة إذ يعتبر المصرف المركزي في ليبيا إجراءاته الجديدة إصلاحًا اقتصاديًا.
ووجه محافظ المركزي خطابًا لرئيس مجلس النواب، اقترح عليه حلولا للأزمة الاقتصادية الحالية، منها “إقرار حكومة موحدة وتوحيد الإنفاق العام”، بعد أن اشتكى تزايد حجم الإنفاق العام لحكومة الدبيبة وبلوغه 165 مليار دينار خلال العام الماضي 2023، ووجود إنفاق موازٍ مجهول المصدر، في إشارة إلى الحكومة المكلفة من مجلس النواب.
وتأتي مطالبة الكبير بضرورة توحيد الإنفاق العام للدولة عبر حكومة موحدة، متوافقة مع مطالب عقيلة بتشكيل حكومة جديدة مصغرة تتولى الإشراف على إجراء الانتخابات وفق ما اتفقت عليه لجنة 6 + 6 بين المجلسين.
ومن أبرز الحلول للأزمة، بحسب الكبير، هو تعديل سعر صرف الدينار بفرض ضريبة 27% على النقد الأجنبي، ليصبح سعر الدولار بين 5.95 دنانير و6.15 دنانير للدولار الواحد، واستثنى محافظ المركزي القطاعات العامة ذات الطابع السيادي والخدمي فحسب من هذا السعر الجديد لتبقى على السعر القديم بنحو 5 دنانير للدولار.
بينما يعاني الليبيون من تأخر صرف الرواتب التي تؤثر على قدرتهم الشرائية؛ ما يجعل الأوضاع المالية أكثر حساسية وصعوبة أمام تلبية احتياجاتهم الأساسية واستعداداتهم لشهر الصيام.
فيما يظهر سعر صرف العملة المحلية انخفاضًا متسارعًا، مما يعزز مشكلة نقص السيولة في السوق، ما يؤدي إلى تقليل قدرة المواطنين على الوصول إلى الأموال النقدية ويعزز التحديات المالية التي يواجهونها، خاصة أن الفيضانات الأخيرة التي شهدتها البلاد في نهاية سبتمبر الماضي في تفاقم الوضع الاقتصادي في البلاد والضغط بصورة أكبر على موارد الدولة، ويأتي هذا الارتفاع في ظل تقلبات الأسواق العالمية وضعف العملة المحلية، مما يجعل تحمل تكاليف الحياة أمرًا صعبًا للغاية.
وفي ليبيا انخفض نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بنسبة 50٪ بين عامي 2011 و2020، في حين كان من الممكن أن يرتفع بنسبة 68٪ لو واصل الاقتصاد السير في اتجاهه قبل اندلاع الصراع، إذ أن الاضطرابات السياسية والأمنية تشكل عائقًا رئيسيًا يلقي بظلاله على جميع أوجه الحياة، ويحرم الليبيين من استثمار ثروات بلادهم، ويضفي مزيداً من التأزيم.
وكانت الحكومة الليبية قد أعلنت اعتماد قانون الرواتب الموحد، في نوفمبر 2022، إلا أن ذلك لم ينعكس على الموظفين في الدولة، ووفقًا للبنك الدولي معدلات البطالة تبلغ 19.6 بالمئة، وأكثر من 85 بالمئة من السكان النشطين اقتصاديًا يعملون في القطاعين العام والاقتصاد غير الرسمي.