منذ 19 نوفمبر وبدأت ميليشيا الحوثي في مهاجمة السفن التي تمر عبر باب المندب في طريقها نحو البحر الأحمر لتخلق حالة من الأزمة التجارية في العالم مؤخراً، وباتت أغلب السفن التجارية تقوم بإتخاذ طريق رأس الرجاء الصالح خوفاً من الهجمات الحوثية المدعومة من إيران.
وهو ما وضع مؤخراً توترات في العلاقة ما بين طهران وبكين، وهم الحلفاء الأكثر استقراراً، حيث إن تداعيات ما تقوم به ميليشيا الحوثي على الصين بات كبيراً خاصة أن الصين هي الدولة المصنعة الأكبر عالمياً وتقوم بتصدير منتجاتها إلى أوروبا عن طريق البحر الأحمر وقناة السويس.
يأتي ذلك على الرغم من عدم تعرض السفن الصينية لهجمات جماعة الحوثي، إلا أن أزمة البحر الأحمر يبدو أنها قد تنعكس على علاقات بكين وطهران، إما بزيادة التقارب عبر التعاون في كبحها أو بالذهاب للتأزم حال استمرارها.
حيث رصد محللون سياسيون تحركات الصين لاستغلال هجمات الحوثي لصالح بكين في صراعها مع واشنطن منذ البداية، ثم التحول إلى الضغط على إيران لوقف هذه الهجمات بعد أن طال أمدها لحماية اقتصاد الصين، وما إن كانت لدى الصين أدوات للتأثير على إيران في هذا الملف.
حيث في خطاب ألقاه في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، أكد رئيس مجلس الدولة الصيني، لي تشيانغ، ضرورة الحفاظ على سلاسل التوريد العالمية “مستقرة وسلسة”، بينما وعد محمد البخيتي، المتحدث باسم الحوثيين، بتوفير مرور آمن للسفن الروسية والصينية، خلال حوار له مع صحيفة “إزفستيا” الروسية.
ومنذ 9 نوفمبر، زادت تكلفة شحن حاوية إلى أوروبا بأكثر من الضعف، لتصل إلى 7000 دولار، منذ بدء الهجمات، حيث يمر عبر مضيق باب المندب 120 مليار دولار من الواردات الصينية، و160 مليار دولار من الصادرات سنويا، ونحو 60% من جميع الصادرات الصينية إلى أوروبا تمر عبر البحر الأحمر وقناة السويس، وفقا لمعهد الشرق الأوسط البحثي.
ويقول المحلل السياسي مختار غباشي: إن ما يحدث مؤخراً من ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران لن يؤثر بشكل قوي على الصين والتي تنتهز الفرصة في حربها الباردة مع الولايات المتحدة الأميركية، حيث يعد ذلك أزمة للغرب كبرى في ظل اعتمادهم بشكل كبير على المنتجات الصينية.
وأضاف غباشي في تصريحات خاصة لـ”ملفات عربية”: رغم أن دعم غزة من مبادئ السياسة الخارجية الإيرانية، فإن إيران ترعى مصالحها في ذات الوقت، ويمكن أن تلعب دورا جيدا في التهدئة بما يحافظ على هذه المصالح ودعم القضية الفلسطينية، لكن طهران لديها تأثير على جماعة الحوثي، لكنها لا تملك السيطرة عليها في نفس الوقت، حيث ما يحدث هو فرصة للحوثيين لتثبيت أقدامهم عالمياً.