أزمات إسرائيل داخل المحكمة الدولية في لاهاي باتت واقعاً في ظل رفض عالمي لما تقوم به الدولة العبرية في قطاع غزة الفلسطيني، واتهامات جنوب إفريقيا لإسرائيل بإبادة سكان قطاع غزة، وهو ما يضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أزمات كبرى في ظل رفض داخلي من الشعب الإسرائيلي لاستمرار نتنياهو على رأس الحكومة.
ومؤخراً بات على إسرائيل تخفيف الهجوم الذي بدأ في السابع من أكتوبر من العام الماضي عقب عملية طوفان الأقصى التي قامت بها حركة حماس داخل إسرائيل، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف جالانت، إنه خلال 100 يوم انتقلنا من الحرب في منطقتنا إلى الحرب داخل قطاع غزة، وأضاف جالانت، أنه يجب أن ننتصر خلال هذه الحرب، موضحا أننا لن نقدم تنازلات وليس هناك طريق آخر.
وبينما تحتفل الحكومة الإسرائيلية ووسائل الإعلام العبرية بالأداء المهني المميز لفريق الدفاع أمام محكمة العدل العليا في لاهاي، ترتفع أصوات أخرى تستند إلى المهنية والموضوعية، تنادي المسؤولين بالنزول إلى الأرض واتخاذ قرار مسؤول بوقف الحرب بوصفه أفضل مخرج للدولة العبرية من المأزق الذي وضعت نفسها فيه.
بغض النظر عن قرار المحكمة، الذي سيصدر بعد أيام عدة، فإن الضرر لإسرائيل قد حدث، حيث من المتوقع أن يكون قرار المحكمة يدين إسرائيل بتهمة إبادة جماعية للفلسطينيين؛ إذ إن هذه المحكمة لم تصدر أيّ قرار بهذه الروح منذ تأسيسها في سنة 1945.
ولكن يرى البعض في إسرائيل أن الضرر قد حدث بمجرد تقديم دعوى جنوب إفريقيا، وما ترافق مع ذلك من نشر تقارير وصور ووثائق ومعلومات مختلفة، ومهما يكن القرار الذي سيصدر عن المحكمة، فقد التصقت بإسرائيل بوصمة ارتكاب أعمال إجرامية راح ضحيتها مدنيون فلسطينيون كثيرون، ويتحمل مسؤوليتها مسؤولون إسرائيليون أغبياء أطلقوا تصريحات حمقاء توحي بالوحشية، وجعلت الناس في كل مكان في العالم يربطون بين هذه التصريحات وبين أعمال حدثت أو لم تحدث، لكنها مرفقة بتقارير وصور ومشاهد رهيبة للقتل والدمار الهائل في القطاع تُنشر في وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية حول العالم.
وهناك مسؤولون في إسرائيل أطلقوا تصريحات تنطوي على الدعوة لإبادة جماعية ضد الفلسطينيين، طرحها الفريق القانوني الجنوب إفريقي بشكل واسع وبالتفصيل أمام المحكمة، وهذه هي المصيبة جلبها على رأس نتنياهو، بشكل كبير أشخاص يتولون أرفع المناصب، بغبائهم وغطرستهم وضعفهم الإنساني، والحكومة الإسرائيلية تتحمل أيضاً مسؤولية هذا الفشل الذريع. والحد الأدنى الذي كان بالإمكان توقعه ولا يمكن تحقيقه هو أن يضرب رئيس الحكومة على الطاولة، ويوقف أصوات النشاز التي تدعو إلى إبادة جماعية.