يعاني قطاع غزة من حرب شرسة تقوم بها القوات الإسرائيلية لمواجهة حركة حماس، مما أدى إلى وفيات قدرت بأكثر من 12 ألف شخص منهم حوالي 5000 طفل وأغلبهم من النساء وكبار السن، مما دفع إلى توجه عالمي نحو وقف إطلاق النيران.
وهو ما استدعى مجلس الأمن لعقد جلسات مكثفة تهدف إلى وقف إطلاق النيران وهدنة إنسانية ودخول المساعدات لقطاع غزة، وكانت تفشل أغلبها بسبب حق الفيتو الذي كانت تستخدمه الولايات المتحدة الداعم الأكبر لإسرائيل في الحرب.
وعقب أربع محاولات فاشلة، نجح مجلس الأمن الدولي، الأسبوع الماضي في إصدار قرار تقدمت مالطا بمسودته، متضمناً ثلاثة أمور أساسية أولها العمل بهدنات ملحة ومطولة، وثانيها إنشاء ممرات إنسانية تمكن من إيصال المساعدات المتعددة التي يحتاج إليها المدنيون من مياه وأغذية وأدوية ومشتقات الطاقة، وثالثها الإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن الذين تحتجزهم حركة حماس، ومن غير الإشارة إلى الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وقد تم تمرير مشروع القرار المالطي بطموحات محدودة وباعتباره، أفضل الممكن ويمكن البناء عليه للوصول إلى وقف لإطلاق النار، لكن بعد مرور ثلاثة أيام على صدوره، ما زال القرار الدولي عبارة عن قرار على ورق فقط.
وتعود أسباب تعطل القرار إلى أن إسرائيل ترفضه عملياً وبرز ذلك في تغريدة لمندوبها في الأمم المتحدة جلعاد أردان الذي كتب، عقب التصويت مباشرة، أن القرار منفصل تماماً عن الواقع الميداني وأن إسرائيل مستمرة في العمل على تدمير حماس واستعادة الرهائن.
كذلك أن القرار الأممي وُلد بلا أنياب بمعنى أنه يفتقر لأية آلية متابعة ولأية وسائل ضغط من شأنها أن تفرض على إسرائيل وضعه موضع التنفيذ، والثالث أن دول الاتحاد الأوروبي التي يضاف إليها بريطانيا والتي يقدر أن باستطاعتها الضغط على إسرائيل، لم تنجح بعد في التوصل إلى موقف موحد وصلب وهي تتأرجح بين مواقف فردية متقدمة ولكن غير فاعلة فيما موقفها الجماعي ما زال رخواً.
كذلك الضغط الشعبي الذي برز أوروبياً وأميركياً لم يصل بعد إلى الحد الذي يفرض على السلطات الأوروبية أخذه على محمل الجد ودفعها إلى تغيير ملموس، والسبب الخامس ولا شك أنه الأهم أن واشنطن، لم تُبدِ حتى الآن الرغبة في ممارسة ضغوط رئيسية على إسرائيل بالنسبة للبدء بتطبيق القرار الدولي بقبول هدنات إنسانية.
يقول موريس غوردو مونتاني، السفير والمستشار السابق للرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك، إن المبادرات الإنسانية، على أهميتها، لا تشكل سياسة، مما يعني بالنسبة إليه وبالنسبة لكثيرين أن هناك حاجة لدينامية سياسية جديدة تقوم على المحددات الدولية المعروفة منذ عقود للمسار التفاوضي والحل السياسي.