انتشرت جماعة الإخوان منذ زمن بعيد داخل القارة الإفريقية وبشكل خاص داخل منطقة الساحل بغرب إفريقيا والتي ينتشر فيها الإسلام، وقد انتشر الإسلام في الدول بشكل سني أشعري، صوفي، لأن دخول الإسلام إليها جاء عبر بوابة التصوف، ولكن ما حدث هو دخول الجماعة الإرهابية لتلك المناطق واستخدام بوابة الإسلام لخداع المواطنين.
ولم تسلم البلدان الإفريقية خلال العقود الأخيرة من رياح أربعة أنماط من التدين الإسلامي الحركي، الإخوان والسلفيين والتبليغيين والشيعة القادمين من إيران.
ولكن تبقى الغلبة للإسلاموية في السنغال، للتيارين الإخواني والسلفي، مقابل تواضع حضور جماعة “الدعوة والتبليغ”، والأمر نفسه مع الحضور الشيعي، حيث تمثل “جماعة عباد الرحمن”، النسخة السنغالية من المشروع الإخواني.
وجماعة عبد الرحمن تتبنى فكر جماعة الإخوان المسلمين، تأسست في عام 1978 على أيدي مجموعة من الشباب السنغاليين المتأثرين بفكر الجماعة، كما ساهمت في نشر الثقافة العربية والإسلامية ومظاهر الالتزام الإسلاموي في الشارع السنغالي من خلال أدوارها الدعوية و التربوية والتعليمية.
الكثير من العوامل ساعدت في ترويج وانتشار وتغلغل الإخوان والسلفيين في المنطقة، فقد جاء ابتداء من أربعينيات القرن الماضي، عندما شرعت حينها البعثات الطلابية بالسفر إلى بعض الدول العربية، مثل، المغرب والجزائر ومصر والسودان والسعودية.
وقد تعرف الطلاب على مشروع “الإخوان المسلمين” في مصر، أما في السعودية، فقد اطلعوا على الخطاب السلفي،
بخصوص تبعة الجماعة للمشروع الإخواني الإقليمي والدولي، فهذا معطى صادر عن قيادة الجماعة، من قبيل ما أدلى به موسى فال، أحد قيادات الجماعة، وأحد الأسماء المهمة في الحركة الإسلامية بالسنغال، والذي يرى أن الجماعة “جزء من الحركة الإسلامية العالمية، وهذه واضحة في توجهنا العام ولنا تعاون في الساحة العالمية، حيث إننا نعتبر أنفسنا ممثلي الحركة الإسلامية العالمية في السنغال.
وقد طور الإخوان أداءهم بشكل ملحوظ حيث تحولوا من مجرد اكتفائهم بمحاربة ما أسموه البدعة والدخائل على المجتمع الإسلامي، واتجهوا إلى العمل السياسي، بل ورفع شعارات إنشاء مجتمع إسلامي، وانصب اهتمام المشروع منذ تأسيسه على التربية والتعليم، فأسس عشرات المدارس لتعليم العلوم العربية والإسلامية بمناطق متعددة من البلاد، كما ركز عمله الدعوي والتربوي على المؤسسات التعليمية العمومية.
وابتداء من 1993، حيث أصبحت الجماعة مؤيدة لبعض الأحزاب التي ترى أنها قريبة من الإسلام، وعندها خدمات وبرامج مقبولة، واصطلحوا على هذه المرحلة “فترة التأييد والتحالف”، وأخيراً، المرحلة الثالثة، المعاصرة، حيث دخلت الجماعة بأعضاء من المشروع في أحزاب سياسية، لأنه ممنوع دستورياً تأسيس أحزاب على أسس إسلامية، حيث وجدت الجماعة نفسها أمام خيارين، إما الانضمام إلى أحزاب أخرى قريبة للعمل الإسلامي وجعلها الجناح السياسي، أو التشاور والعمل على تأسيس حزب سياسي، على غرار ما جرى في الساحة المغربية مثلاً، بما خوّل للجماعة الحصول على بعض المقاعد في البلديات.