بين العديد من ضحايا الحرب في السودان، تلقت النساء الفاجعة الأكبر والصفعة الأقوى، ليعانين جراء الكثير من الجرائم، لاسيما الناجيات من الاغتصاب اللاتي يواجهن أزمة غياب العقاقير الضرورية لهن بسبب الاشتباكات والقتال في الخرطوم.
معاناة كبيرة وكفاح مرير تمر به الناجيات من الاغتصاب في العاصمة السودانية الخرطوم للحصول على وسائل منع الحمل الطارئة وأدوية الإجهاض وهن في أمسّ الحاجة إليها، وهو ما نشرته صحيفة الغارديان وتقرير للكاتبة فيرونيكا سترازيزنسكا بعنوان “معاناة وألم الناجيات من الاغتصاب في السودان لعدم تمكنهن من الحصول على الأدوية الضرورية”.
وقال التقرير: إنه تم قطع الوصول إلى المستودع حيث يتم تخزين العقاقير والأدوات الطبية التي يحتاجها ضحايا الاغتصاب مند بدء النزاع في أبريل، مضيفا أن النساء لجأن إلى وسائل التواصل الاجتماعي لمشاركة المعلومات حول مكان العثور على الأدوية لمنع الحمل والالتهابات، أو يستخدمن العلاجات العشبية.
وأشار إلى أن صندوق الأمم المتحدة للسكان، الذي يورد هذه المعدات، قال إنه لا يمكنه تحديد القوات التي تمنع الوصول إلى المبنى، الجيش السوداني أو قوات الدعم السريع.
وتقول الكاتبة: إنه غالبًا ما يتم توزيع العقاقير والمواد الطبية اللازمة لما بعد الاغتصاب في حالات النزاع. وهي تشمل الأدوية في حالات الطوارئ، مثل حبوب منع الحمل، والأدوية للحث على الإجهاض، وأدوية الوقاية بعد التعرض لفيروس “إتش آي في” المسبب للإيدز.
ولفتت كاتبة التقرير إلى أن الاستجابة السريعة أمر بالغ الأهمية؛ إذ يجب الحصول على معظم الأدوية في غضون 72 ساعة من الاعتداء حتى تكون فعالة.
ومن ناحيتها، قالت سليمة إسحاق، مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة في الحكومة السودانية للصحيفة: إنه في حين أن الإمدادات محدودة من أدوية الوقاية في بعض العيادات في المدينة، “ليس لدينا سبل لمنع الحمل”، على حد قولها.
وأضافت إسحاق: “أن عمليات الاغتصاب تحدث في كل مكان… ما يتم الإبلاغ عنه رسميًا هو على الأرجح مجرد جزء صغير من الحالات”.
بينما قالت إيناس مزمل، الناشطة التي تعمل مع الناجيات من الاغتصاب في الخرطوم، للصحيفة البريطانية: إن الحصول على رعاية ما بعد الاغتصاب أصبح “امتيازاً”. مضيفة أن النساء يتواصلن من خلال مجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي، ويتبادلن الموارد والأدوية التي يحصلن عليها.
وتابعت: إن “العديد من النساء يلجأن إلى الأساليب التقليدية مثل الغسول المهبلي بالأعشاب. أعرف امرأة تعرضت للاغتصاب من قِبل ثلاثة رجال، وهي لا تعرف ما إذا كانت حاملا أم لا. لم تكن قادرة على الحصول على الدواء المناسب”.
تحدثت الشابة السودانية مزمل قائلة: إن عائلة فتاة تبلغ من العمر 17 عاما تعرضت للاغتصاب اتصلوا بها طلبا للعون. وقالت إن أسرة الفتاة أخبرتها أن عناصر من قوات الدعم السريع “داهمت المنزل، ووجدوا الفتاة نائمة واغتصبوها”.
وأضافت مزمل: أن إمدادات وسائل منع الحمل الطارئة وأدوية الإجهاض كانت نادرة قبل الحرب لأن الإجهاض غير قانوني في البلاد.
وكان المجتمع الدولي تعهد خلال اجتماع عقد في جنيف بتقديم 1.5 مليار دولار من المساعدات، وهو نصف ما تحتاج إليه المنظمات الإنسانية وفقاً لتقديراتها الميدانية.
ويعتمد 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف سكان السودان، على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة في بلد يغرق في الدمار والعنف بسرعة “غير مسبوقة”، وفق تعبير الأمم المتحدة.
واندلع الصراع الدامي على السلطة في السودان يوم 15 أبريل وتسبب في أزمة إنسانية كبيرة نزح خلالها أكثر من 2.2 مليون شخص داخل البلاد وفر 550 ألفا إلى دول الجوار، كما أنه يهدد بزعزعة استقرار المنطقة بأكملها، وكانت هدن سابقة فشلت في وقف الصراع الدامي الذي بدأ في السودان منتصف أبريل الماضي، بين الجيش وقوات الدعم السريع.