منذ إلقاء القبض على زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي في أبريل الماضي، والحركة تكرس نفسها وتتبع إستراتيجية مشبوهة للإفراج عنه في كل ما نسب إليه من قضايا.
ولجأت الحركة إلى توظيف كل وسائل الضغط سواء كانت مشروعة أو غير ذلك من كذب وتضليل وتزوير، وتجنيد صفحات مموله لمساندتهم وعمل وقفات احتجاجية للضغط على القضاء والرأي العام، كما قاموا بتدشين هاشتاج “غنوشي لست وحدك” على جميع وسائل التواصل الاجتماعي، وبدأت في حساب عدد أيام سجنه لجذب التعاطف، فيما طالبت ابنته بالضغط على الرئيس قيس سعيد ومعاقبته هو وبعض وزرائه على فعلته بحبس والدها.
ولكن كل محاولاتهم باءت بالفشل الذريع، وبعد القبض عليه قامت الحركة بنشر بيان وقالت إن فرقة أمنية قامت بمداهمة منزل راشد الغنوشي واقتياده إلى جهة غير معلومة دون احترام لأبسط الإجراءات القانونية.
وخرج مسؤول بوزارة الداخلية وقال: إن فرقة أمنية تولت إيقاف رئيس الحركة بعد صدور مذكرة إيقاف من النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، وقامت الفرقة أيضاً بتفتيش منزله وحجز كل ما يفيد الأبحاث بإذن النيابة العمومية.
كما أن الغنوشي سيبقى على ذمة الأبحاث في قضية تتعلق بتصريحات تحريضية كان قد أدلى بها، وكل ما يحدث معه هو بسبب قضايا تتعلق بالإرهاب ومكانه معلوم وليس مجهولا كما روج أتباعه.
ويتهم الغنوشي في عدد من القضايا منها ما يخص التمويلات الخارجية وتسفير الشباب وقضايا الأمن القومي للبلاد وغسيل الأموال وغيرها.
ورغم كل تلك المحاولات لإنقاذ زعيمهم خرجوا من جديد وقالوا إن إيقافه يأتي بسبب مواقف سياسية وتصريحاته على العنف والإرهاب في تسجيلات مصورة في اجتماعات جبهة الخلاص، ولكن كل هذا لمحاولة إثبات أنه معارض سياسي وليس داعما للإرهاب وتنظيماته، كما هاجمت الحركة القضاء بحجة أنه بيد السلطة التنفيذية، ورفعت شعار استقلال القضاء، في حين يتهمها قطاع واسع من التونسيين بأنّها لم تؤسس لهذا الشعار لمّا كانت في السلطة، بل إنّها كانت أول منتهكيه، ووصل بها الأمر إلى حدّ التنكيل بخصومها، وعزلت عشرات القضاة بطريقة فيها تعسف ومبالغة في توظيف القضاء، والدليل أنّ كثيرين ممّن عزلتهم قد صدرت أحكام لفائدتهم، وعادوا إلى عملهم.
وبسبب تمتع الغنوشي بالحصانة البرلمانية عندما كان رئيسا لمجلس النواب، لم تتم محاسبته سابقاً في العديد من القضايا منها التمويل غير المشروع، وتسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر، وتبييض الأموال، وغيرها من القضايا التي كان كثير منها منشوراً دون أن تتمكن المحاكم من ملاحقته فيها، وكان محتمياً بحكوماته المتعاقبة وحكومات حلفائه الذين ظل في حمايتهم إلى أن تم حلّ البرلمان، وفقد الحصانة، وفتحت كل القضايا المرفوعة ضده.
وخلال الساعات الماضية، قضت محكمة تونسية بإصدار بطاقة إيداع بالسجن في حق رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، وذلك على خلفية اتهامه في قضية عرفت باسم “الجهاز السري” للحركة، وسط تأكيدات بأن الغنوشي لم يحضر ولم يمثل أمام القاضي، لذلك تم إصدار بطاقة إيداع بالسجن في حقه.