أوضاع مزرية شديدة التدهور، تشهدها صفوف الإخوان في تركيا حاليا، منذ تضييق أنقرة الخناق عليهم بسبب رغبتها في تحسين العلاقات مع مصر ودول الخليج، لتتفاقم الأوضاع بينهم بصورة واضحة.
وفي آخر تلك التطورات، كشفت مصادر رفيعة احتدام الصراعات في صفوف الإخوان بتركيا، حيث تفاقم الخلاف بين جبهتي إبراهيم منير القائم بعمل مرشد الإخوان، ومحمود حسين الأمين العام السابق، بصورة أكبر منذ قرار الأول بحل المكتب الإداري، ومجلس الشورى.
وأضافت المصادر أن قيادات الإخوان أصبحوا يتبادلون الاتهامات عبر منشورات مسيئة، من بينها التشكيك بالذمم والولاءات، وتبادل الألفاظ والأوصاف مثل” أهل السرداب” ويقصدون بها القيادات المختفية في السراديب، ووثيقة إسطنبول في إشارة منهم إلى جبهة محمود حسين المقيمة في تركيا، ووثيقة لندن ويقصدون جبهة إبراهيم منير وأعضاء التنظيم الدولي المقيمين في العاصمة البريطانية لندن.
كما نشروا وصف مكتب “أبو عامر غير الشرعي” المقصود به عبد الرحمن أبودية القيادي الفلسطيني المسؤول عن تمويل فضائيات الجماعة، باعتبار وجوده غير شرعي، متهمين إياه بأنشطة مشبوهة تتعلق بأموال الجماعة وحركة حماس.
وشن الطرفان حملات انتقادية متبادلة، وتبادلوا اتهامات بتكريس التحزب والشخصنة، مؤكدين ضعف وتراجع القيادات ما تسبب في انضمام بعض شبابها إلى صفوف تنظيم “داعش”.
وتفاقمت الصراعات بسبب عدة قضايا رئيسية، هما انتخابات المكتب في تركيا التي أسفرت عن طعون عديدة على نتائجها وإجراءاتها، بما فيها عدم اعتراف مجموعة محمود حسين، التي تضم مدحت الحداد، وصابر أبو الفتوح، وممدوح مبروك، وعبد الرحمن فتحي، بالإضافة إلى قضية أزمة الشباب وغضبهم من سوء أوضاعهم المعيشية في تركيا.
كما يتسبب الخلاف أيضا في القيود المفروضة على فضائيات الإخوان في إسطنبول، ومنعها من انتقاد مصر والنظام الحاكم، ثم إيقاف عدد من مذيعي الإخوان بعد وقف أنشطتهم على مواقع التواصل وتهديدهم بالترحيل.
ومع تزايد الصراعات والاتهامات المتبادلة عبر منصات الجماعة مواقع التواصل الاجتماعي، لجؤوا لشركة علاقات عامة دولية أملا في تقديرات للأحداث وحلولا وتوصيات لمنع التفكك والانهيار.
وفي نهاية الشهر الماضي، اتخذت تركيا عدة قيود جديدة ضد الجماعة، حيث ألزمت السلطات التركية شباب الإخوان المصريين في إسطنبول بالتوقيع على إقرار أمني يمنعهم من تحويل أي أموال من تركيا إلى مصر، سوى بعد إثبات مصدر هذه الأموال والجهة التي ستحوَّل لها، بينما تكون فقط تلك التحويلات للأقارب من الدرجة الأولى، وفقا لما كشفته مصادر مطلعة.
وقالت المصادر: إن السلطات التركية أيضا ألزمت الإخوان بمنع أي انتقادات سياسية لمصر عبر حساباتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ووقف التعليق على أي قرارات تتخذها تركيا مستقبلاً.
وتابعت أن تركيا منعت منح الجنسية التركية لعدد من العاملين في القنوات الفضائية التي كانت تابعة لعناصر الإخوان وتم وقف برامجها، بالإضافة إلى تجميد طلبات تجديد الإقامة لعدد من عناصر إخوان حتى الانتهاء من “مراجعات أمنية” لهم.
وكشفت أيضا أنه تم إغلاق مكاتب قيادات إخوانية من الصف الأول في إسطنبول خلال الأيام الماضية، فيما أصدر الأمن التركي لعدد من قيادات الإخوان قرارا بوقف عقد الاجتماعات لمناقشة سبل التعامل مع الأزمة الحالية التي يواجهها إخوان مصر في تركيا.
وضمن القرارات التركية الصادرة مؤخرا أيضا، بحسب المصادر، أن الأمن التركي استدعى عدد من المتورطين في أعمال العنف السابقة في مصر، وأجرى تحقيقات بشأنها معهم، وطالبهم بعدم تغيير محل إقامتهم في تركيا إلا بعد الرجوع له.
فيما باع عدد من قيادات الإخوان عقارات وممتلكات خاصة بهم في تركيا إلى رجال أعمال سوريين وأتراك وذلك بهدف مغادرة البلاد، وأغلقوا عددا من مكاتب الإغاثة والمنظمات الخيرية الخاصة بنقل الأموال إلى سوريا وإلى عائلاتهم في مصر، بالإضافة إلى تشكيل لجنة مصغرة “لإدارة الأعمال الخاصة” بهم في تركيا.
ومنذ فبراير الماضي، تحاول تركيا بكل السبل إعادة العلاقات مع مصر، والتي بدأت بالتودد والمغازلة عبر العديد من التصريحات ثم تقييد أنشطة الإعلام الإخواني بإسطنبول ومنع منح الجنسيات لهم وتهديد قادتهم، لتسارع الزمن من أجل أول زيارة مرتقبة من أنقرة للقاهرة بمايو المقبل.