ذات صلة

جمع

سقوط العمود الفقري.. كيف تعرقل الرؤية الإسرائيلية–الغزاوية خطة واشنطن؟

تواجه الإدارة الأمريكية واحدة من أعقد الأزمات في الشرق...

في ظل نفوذ الإخوان بالسودان.. ما مصير أي مبادئ دستورية مستقبلية تتعلق بالعلمانية؟

مع تصاعد نفوذ التيار الإسلامي خصوصًا المجموعات المرتبطة بجماعة...

المراجعة الدقيقة.. كيف أصبح مصير الإخوان على المحك في العاصمة البريطانية؟

تشهد العاصمة البريطانية لندن منذ أشهر سلسلة مراجعات رسمية...

تل أبيب تدق ناقوس الخطر.. عودة مكثفة لإنتاج الصواريخ الإيرانية

تشهد الأوساط الأمنية في تل أبيب حالة استنفار متجدد...

أوروبا تشد قبضتها.. حملات أوسع لكبح تمدد الإخوان الإرهابية

تتحرك العواصم الأوروبية بوتيرة متسارعة لمواجهة ما تصفه بـ"التهديد...

سقوط العمود الفقري.. كيف تعرقل الرؤية الإسرائيلية–الغزاوية خطة واشنطن؟

تواجه الإدارة الأمريكية واحدة من أعقد الأزمات في الشرق الأوسط منذ سنوات، إذ تتعثر خطتها لإعادة تشكيل المشهد الأمني والسياسي في قطاع غزة بعد الحرب، في ظل تمسك إسرائيل برؤيتها الأحادية، مقابل صعود مزاج شعبي وفصائلي داخل غزة يرفض أي صيغة تعيد تثبيت السيطرة الإسرائيلية أو تُدخل ترتيبات أمنية لا تُراعي الواقع الجديد.

هذا التناقض العميق بين الرؤية الإسرائيلية–الغزاوية، كما يصفها مسؤولون أمريكيون، أدى إلى سقوط العمود الفقري للخطة الأمريكية التي كانت تراهن على توافقات نادرة بين الأطراف.

خطة واشنطن

الخطة الأمريكية التي عمل عليها البيت الأبيض منذ الأشهر الأولى للحرب، ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية منها إعادة هيكلة الأمن في غزة عبر قوة متعددة الجنسيات أو عبر أجهزة أمنية فلسطينية “معدّلة” وإدارة مدنية انتقالية تُشارك فيها السلطة الفلسطينية ودول عربية محددة منع عودة الفصائل المسلحة إلى السيطرة الإدارية أو الأمنية على القطاع.

وتعتقد واشنطن، أن هذه الخطة يمكن أن تمنح إسرائيل ضمانات أمنية، وفي الوقت ذاته تمنح غزة هامشًا من الحكم الذاتي دون الدخول في مواجهة مباشرة مع الفصائل. غير أن هذا التصور اصطدم سريعًا بجدار صلب: رفض إسرائيل لأي دور فلسطيني فعّال، ورفض غزة لأي وجود أمني غير فلسطيني.

الرؤية الإسرائيلية

منذ بداية النقاش حول “اليوم التالي للحرب”، كانت رؤية إسرائيل واضحة منها أمن أولًا، سياسة لاحقًا، وربما لا سياسة أبدًا و الحكومة الإسرائيلية الحالية ترفض أي دور للسلطة الفلسطينية في غزة؛ وأي مسار سياسي يؤدي إلى اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية؛ و أي وجود لقوة عربية أو دولية داخل القطاع يمكن أن يحدّ من حرية الجيش الإسرائيلي.

كما تطالب إسرائيل بإنشاء “منطقة عازلة داخل غزة” تمتد بعمق عدة كيلومترات، وبسيطرة أمنية كاملة على الحدود والمعابر، وبحرية العمل العسكري ضد أي نشاط تعتبره تهديدًا، هذه الرؤية، التي تُقدم الأمن على أي اعتبارات سياسية، جعلت الخطة الأمريكية تبدو في نظر الخبراء “هيكلًا بلا عمود فقري”، إذ لا يمكن تنفيذ أي ترتيبات أمنية من دون سند سياسي مقبول للفلسطينيين.

غزة: لا تسليم ولا وصاية

وقالت مصادر: إنه على الجانب الآخر، تعيش غزة حالة توتر ورغبة شعبية في إنهاء الاحتلال كليًا، ورفض أي ترتيبات تفرض وصاية أو نظامًا إداريًا خارجيًا.

وتقول الفصائل الفلسطينية: إن واشنطن تريد “نموذجًا إداريًا بلا سيادة” يضمن أمن إسرائيل أولًا، ويترك للفلسطينيين إدارة خدماتية شكلية.

فشل واشنطن في جمع الأطراف

ويقول خبراء أمريكيون: إن المشكلة الأساسية تكمن في أن واشنطن حاولت الجمع بين رؤيتين متعارضتين بالكامل أن رؤية إسرائيل التي تريد السيطرة، ورؤية غزة التي تريد التحرر.

كما أن واشنطن لم تُرد الدخول في صدام مباشر مع إسرائيل، رغم إدراكها أن مواقف الحكومة الإسرائيلية تُعرقل أي حل سياسي مستدام.
وفي الوقت ذاته، لم تكن الولايات المتحدة قادرة على فرض نموذج سياسي على غزة من دون قبول الفصائل، وهو ما لم يتحقق.

إضافة إلى ذلك، أن الضغوط الداخلية على إدارة بايدن جعلت واشنطن تتمسك بخطة شكلية لإظهار أنها تعمل على “أفق سياسي”، رغم افتقار الخطة لمقومات التنفيذ والتوازنات الإقليمية منعت الدول العربية من دعم خطة قد تُفسر بأنها أداة لفرض ترتيبات أمنية إسرائيلية داخل غزة و غياب طرف فلسطيني واحد موحد زاد من تعقيد المشهد، رغم محاولات دفع السلطة الفلسطينية للعب دور أكبر.

سقوط العمود الفقري للخطة

يذكر، أن مصطلح “سقوط العمود الفقري” يُستخدم داخل مؤسسات صنع القرار الأمريكية للتعبير عن فقدان الخطة لأساسها الحيوي. فالخطة كانت مبنية على معادلة مركزية، حيث أن إسرائيل تلتزم سياسيًا، وغزة تلتزم أمنيًا، ودول الإقليم تتدخل لإنجاح الترتيبات.

لكن إسرائيل لم تلتزم سياسيًا وغزة لم تلتزم أمنيًا ودول الإقليم لم تمنح الغطاء المطلوب، وبالتالي: انهارت الركيزة التي كان يُفترض أن تستند إليها الخطة.

وقالت مصادر: مع سقوط العمود الفقري للخطة، يبدو أن واشنطن ستتجه إلى إعادة صياغة رؤيتها، أو على الأقل إبطاء تنفيذها إلى حين تغيّر المعادلات السياسية ميدانيًا أو انتخابيًا لكن المؤكد أن المشهد بات أكثر تعقيدًا، وأن أي حل لن ينجح إذا استمرت إسرائيل في تجاهل الواقع الغزّاوي، أو استمرت غزة في رفض أي ترتيبات لا تتضمن مسارًا واضحًا لإنهاء الاحتلال.