ذات صلة

جمع

رسالة بالنار.. ما وراء استهداف تل أبيب لقلعة حزب الله في الضاحية؟

شهدت بيروت يومًا صادمًا بعدما طالت غارة إسرائيلية مفاجئة...

بعد سقوط الطبطبائي.. تل أبيب أمام أكثر السيناريوهات قتامة في معادلة الرد

أعاد اغتيال هيثم الطبطبائي، أحد أبرز القادة العسكريين داخل...

شبكات الظل.. كيف تُستخدم المؤسسات التعليمية غطاءً لتمويلات معقدة في أوروبا؟

تشهد أوروبا منذ سنوات جدلًا متزايدًا حول الطريقة التي...

محاكمات الموت: أحكام إعدام تهز صنعاء وتفضح منظومة القضاء الحوثية

تعيش العاصمة اليمنية صنعاء على وقع موجة غضب متصاعدة...

المفاوضات الشائكة.. ما هي تحديات تطبيق المرحلة الثانية من اتفاق غزة؟

تبدو المرحلة الثانية من اتفاق قطاع غزة الأكثر حساسية...

رسالة بالنار.. ما وراء استهداف تل أبيب لقلعة حزب الله في الضاحية؟

شهدت بيروت يومًا صادمًا بعدما طالت غارة إسرائيلية مفاجئة الضاحية الجنوبية، المنطقة التي تعد الأكثر حساسية سياسيًا وأمنيًا في العاصمة اللبنانية.
الهجوم الذي وقع على مقربة من قلب بيروت أحدث دويًا تجاوز حدود المكان، بعدما خلف خمسة شهداء بينهم شخصية بارزة في الصف القيادي لحزب الله، إضافة إلى عشرات الجرحى ودمار واسع طال الأبنية المحيطة بموقع الاستهداف.

وجاءت الضربة في لحظة حرجة، بينما كانت البلاد تستعد لدخول مرحلة يفترض أن يسودها الهدوء مع اقتراب موعد تثبيت وقف إطلاق النار.

رسالة سياسية تتجاوز حدود القصف

لم تكن الغارة بالنسبة للمراقبين اللبنانيين مجرد عملية عسكرية تقليدية، بل حملت في طياتها رسالة مباشرة تشير إلى رغبة إسرائيل في إعادة خلط الأوراق.

ويرى هؤلاء أن الهجوم جاء ليعيد تثبيت منطق القوة في الميدان، وإظهار أن تل أبيب لن تمنح المسار السياسي فرصة قد تقود إلى تهدئة مستقرة أو مفاوضات جدية.

التوقيت، والمكان، والشخصية المستهدفة، كلها عناصر بدت وكأنها تهدف إلى إعادة رسم قواعد الاشتباك، وتعطيل أي مسار قد يتجه نحو تخفيف التوتر.

وتقرأ العملية أيضًا باعتبارها محاولة لفرض إيقاع عسكري جديد على الساحة اللبنانية عبر الضغط على حزب الله، ومنع أي ترتيبات قد تسمح له بتعزيز قدراته أو إعادة تشكيل حضوره الميداني.

ومع أن المنطقة اعتادت منذ سنوات على توترات متقطعة، فإن مستوى الضربة هذه المرة أعاد التذكير بخطورة الانزلاق إلى مواجهة أوسع.

انعكاسات داخلية وتحركات خارجية

لم يتأخر المشهد الداخلي اللبناني في التفاعل مع التطور. فالغارة أعادت إلى الواجهة النقاش حول هشاشة الوضع الأمني وضرورة تحرك الدولة تجاه المجتمع الدولي، في محاولة لحشد دعم يوقف التصعيد ويمنع تدهورًا قد يفتح الباب أمام فصل جديد من المواجهات.

وبات واضحًا أن بيروت تتجه نحو تكثيف اتصالاتها الدبلوماسية، سعيًا إلى بناء مظلة دولية تكبح احتمالات الانفجار وتؤكد على ضرورة احترام القرارات الدولية.

على المستوى الشعبي، أثار الهجوم حالة من القلق والاحتقان، في ظل شعور بأن الاستهداف يطال بيئة مدنية مكتظة، ويهدد بتوسيع رقعة الخسائر إذا ما استمرت الغارات أو توسعت رقعة العمليات العسكرية.

في الوقت نفسه، عاد النقاش حول قدرة الدولة على حماية مناطقها الأكثر حساسية، وضرورة تفعيل دور المؤسسات الرسمية في ضبط الإيقاع الأمني والسياسي.

حزب الله بين الرد والانتظار

داخل المشهد السياسي والأمني، يبرز موقف حزب الله بوصفه عنصرًا مركزيًا في تحديد مآلات المرحلة المقبلة، فالحزب الذي فقد شخصية قيادية مؤثرة يجد نفسه أمام معادلة معقدة بين ضرورة الرد؛ حفاظًا على قواعد الاشتباك التقليدية، وبين حسابات اللحظة الإقليمية التي تزيد من حساسية أي خطوة قد تقدم عليها المقاومة.

وتشير المؤشرات الأولية إلى دخول الحزب في مرحلة تقييم دقيقة قبل اتخاذ قراره النهائي بشأن طبيعة الرد وتوقيته.

المعادلة الحالية تبدو مختلفة عن مراحل سابقة، إذ تتداخل فيها حسابات تتعلق بالجبهة الجنوبية للبنان، والوضع الإقليمي المتوتر، والضغوط الدولية الداعية إلى تجنب أي توسع في الاشتباكات.

مع كل هذه المعطيات، يبدو المشهد اللبناني أمام مرحلة شديدة التعقيد، فالغارة الإسرائيلية لم تكن مجرد حدث عسكري عابر، بل خطوة تعيد خلط الأوراق وتفتح الباب أمام احتمالات تتراوح بين تصعيد مدروس واحتواء سياسي مؤجل.