يطلّ مجددًا التيار الإسلامي في السودان بوجهه السياسي القديم، محاولًا إعادة التموضع في المشهد، بعد سنوات من العزلة التي أعقبت سقوط نظام عمر البشير عام 2019.
وقالت مصادر: إن هذا الحراك الجديد لا يأتي بمعزل عن التحولات الإقليمية، ولا عن الحسابات المعقدة في الداخل السوداني، حيث تتقاطع أجندات الإسلاميين مع مسار الحرب الجارية.
انهيار مؤسسات الدولة يخلق فراغًا تستغله الحركة الإسلامية
وأوضحت المصادر، أن هذا المشهد الملتبس يثير تساؤلات عميقة حول دور الإخوان المسلمين المشبوه في إعادة تشكيل البنية القانونية والسياسية، ومدى تأثيرهم على مسار الحريات العامة في بلد يعيش واحدة من أعقد المراحل في تاريخه الحديث.
وقالت: إن هذه العودة لم تكن صدفة، بل نتيجة فراغ سياسي خلقه انهيار مؤسسات الدولة، وغياب البدائل المدنية القادرة على إدارة المرحلة الانتقالية.
الخطاب الديني في السودان.. أداة لتبرير السلطة لا منظومة قيم إصلاحية
وأجمعت المصادر على أن الإسلاميين في السودان لطالما استخدموا الخطاب الديني كأداة تبريرية للسلطة، وليس كمنظومة قيم إصلاحية.
وحذرت منظمات حقوقية من أن أي عودة للتيار الإسلامي إلى مواقع صنع القرار ستؤدي حتمًا إلى تراجع الحريات العامة وإحياء قوانين القمع القديمة، خصوصًا تلك التي تقيد حرية الصحافة والنشاط المدني، فمن المعروف أن نظام البشير استخدم هذه الأدوات القانونية لتكميم الأفواه وملاحقة المعارضين باسم “حماية الأخلاق العامة”.
لعبة النفوذ بين الجيش والإسلاميين
واختتمت المصادر، أن التموضع الحالي للإسلاميين داخل الجيش السوداني يُعد واحدًا من أكثر الملفات غموضًا وتعقيدًا، فبينما يعلن قادة الجيش تمسكهم بالهوية الوطنية، تشير تقارير عديدة إلى أن التيار الإسلامي يشكل أحد المكونات المؤثرة داخل المؤسسة العسكرية، سواء عبر ضباط متقاعدين أو شبكات تمويلية تربطهم بالقيادات الحالي.
وأوضحت، أن هذا النفوذ الخفي يجعل من الإسلاميين لاعبًا محوريًا في تحديد مستقبل البلاد، خاصة إذا اتجهت الأمور نحو تسوية سياسة، إذ يسعى الإخوان إلى ضمان موقع تفاوضي قوي في أي عملية سياسية قادمة، بما يسمح لهم بإعادة صياغة القوانين بما يخدم رؤيتهم المحافظة، ويضمن استمرار نفوذهم في الدولة والمجتمع.
وأكدت، أن هذا السيناريو يثير مخاوف واسعة لدى القوى المدنية، التي ترى في عودة الإسلاميين خطرًا مباشرًا على مشروع الدولة الديمقراطية، فأي شراكة مستقبلية بين الجيش والإخوان، وفق هذه الرؤية، ستقضي على ما تبقى من الفضاء السياسي الحر الذي فُتح عقب الثورة.

