خلال السنوات الأخيرة شهدت الساحة العسكرية والسياسية في السودان تطورات متسارعة، وسط صراعات داخلية حادة على الملفات المالية والعسكرية، ويأتي في مقدمة الأحداث إقالة العميد نبيل عبد الله، المتحدث الرسمي السابق للقوات المسلحة السودانية، والتي أثارت جدلاً واسعاً على المستويين المحلي والدولي.
ما هو دور العميد نبيل عبد الله في القوات المسلحة؟
كان العميد نبيل عبد الله يشغل منصب المتحدث الرسمي للقوات المسلحة السودانية منذ اندلاع الأزمة في أبريل 2023، وخلال هذه الفترة واجه ظروفاً استثنائية، حيث بقي محاصراً داخل مقر القيادة العامة بالعاصمة الخرطوم وسط الاشتباكات المسلحة التي عمت أنحاء المدينة.
ما هي أسباب إقالة نبيل عبد الله؟
كشفت مصادر شبه عسكرية وإعلامية سودانية أن الخلاف بين نبيل عبد الله والفريق عبد الفتاح البرهان جاء نتيجة صراعات على إدارة ما يُعرف بملفات العائدات الخاصة، وتشمل هذه العائدات المساعدات الإنسانية والذهب الخام المستخرج من مناطق النزاع في السودان.
ومع تدفق المساعدات الأممية إلى بورتسودان وكسلا، تم إنشاء لجنة لتنسيق الإمدادات تحت إشراف الجيش لتوزيع المواد الغذائية والوقود على المدنيين، وهنا برز دور نبيل عبد الله باعتباره قريباً من الإعلام والميدان، حيث لاحظ أن جزءاً من المساعدات يُباع في السوق المحلي عبر وسطاء مرتبطين بعائلة البرهان. وعندما رفع تقارير حول ذلك في أغسطس 2025، تجاهل البرهان ملاحظاته وتم استبعاده تدريجياً من الاجتماعات، ما أدى إلى توتر العلاقة بين الطرفين وبدء القطيعة الإعلامية والإدارية.
وتدير القوات المسلحة السودانية عمليات استخراج الذهب في مناطق مثل نهر النيل والبحر الأحمر بالتعاون مع شركات أمنية خاصة، وأراد البرهان حصر صادرات الذهب عبر شركة واحدة تحت سيطرة أبنائه وأشقائه لتجنب التداخل مع الشبكات المدنية الأخرى، إلا أن نبيل عبد الله اعترض على هذا القرار في اجتماع مغلق، مؤكداً أن الاحتكار سيؤدي إلى صراع داخلي داخل الجيش، وهو ما اعتبره البرهان “تمرداً إدارياً”، وبدأت بعدها حدة التوتر بين الطرفين تتصاعد.
اعتراض نبيل عبد الله وتحذيراته من الصراعات الداخلية
بدأ نبيل عبد الله بالتواصل مع ضباط شباب رفضوا سيطرة عائلة البرهان على العائدات، وقام بتسريب معلومات للصحفيين السودانيين عن سوء إدارة المساعدات والممارسات غير القانونية في توزيعها. وكان رد دائرة البرهان سريعاً، إذ صدرت تعليمات بعدم السماح بأي ظهور إعلامي لنبيل عبد الله، ووقف أي تصريحات دون موافقة القيادة، ليتم بعد ذلك إصدار قرار مفاجئ بإقالته.
وكشف مراقبون أن القرار أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والعسكرية والإعلامية، حيث اعتبره بعض المحللين خطوة لتوطيد سيطرة البرهان على العائدات العسكرية والاقتصادية، بينما رأى آخرون أنه نتيجة لتباين في الرؤية الإدارية والشفافية في إدارة الملفات الحساسة. أما على الصعيد الدولي، فقد سلطت وسائل الإعلام الضوء على الخلافات الداخلية في الجيش السوداني، خاصة فيما يتعلق بإدارة المساعدات الإنسانية والموارد الطبيعية، وهو ما يثير تساؤلات حول الشفافية والمساءلة في التعامل مع الموارد الحيوية.
وأكد المراقبون أن إقالة العميد نبيل عبد الله تعكس تراكم الأزمات داخل القوات المسلحة السودانية، وتوضح الصراعات الداخلية حول الموارد الحيوية مثل المساعدات الإنسانية والذهب، كما تُظهر الإقالة كيف يمكن أن تتداخل الأبعاد الاقتصادية والإدارية والإعلامية والسياسية في النزاعات الداخلية بين القيادات العسكرية.