بينما يزداد اليمن غرقًا في دوامة الصراع، انفجرت مفاجأة مدوية كشفت عن جانب خفي من الحرب لا يُرى بالعيون، بل يُخاض خلف شاشات الحواسيب والهواتف الذكية.
وتسريب خطير خرج إلى العلن مؤخرًا، أظهر أن جماعة الإخوان في اليمن – ممثلةً بحزب الإصلاح – تستخدم تقنيات تجسس متطورة من إنتاج شركة “Cellebrite” الإسرائيلية، وهي الشركة نفسها التي تزود أجهزة استخبارات عالمية بأدوات لاختراق الهواتف وتحليل البيانات الرقمية.
ووفقًا لمصادر حقوقية نُقلت عبر جهات إعلامية، فإن أحد الباحثين في مجال الأمن الرقمي كشف وثائق تؤكد استخدام أجهزة فحص وتحليل إسرائيلية داخل وحدات أمنية مرتبطة بحزب الإصلاح، وهو ما اعتُبر انتهاكًا خطيرًا لسيادة اليمن الرقمية، وفضيحة سياسية تثير علامات استفهام حول كيفية وصول تلك التقنيات إلى أيدي الجماعة.
من المكلا إلى العالم.. بداية الخيط
بدأت القصة من مدينة المكلا الساحلية، عندما تم اعتقال أحد الإعلاميين المحليين، ليُكتشف لاحقًا أن هاتفه تحوّل إلى أداة في عملية اختراق واسعة النطاق.
ووفق ما كشفه المصدر، فإن بيانات الهاتف حُلّلت باستخدام برامج إسرائيلية الصنع، مكنت القائمين على العملية من الوصول إلى حساباته الشخصية ومراسلاته الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي.
هذه الواقعة لم تبقَ حادثًا فرديًا، بل فتحت الباب أمام تحقيقات أوسع بشأن مدى انتشار مثل هذه الأجهزة في المناطق التي تسيطر عليها قوات تابعة للإخوان، وسط مخاوف من استخدامها لاستهداف صحفيين وناشطين سياسيين ومعارضين داخل اليمن وخارجه.
خرق دولي محتمل
الأخطر في القضية ليس فقط انتهاك الخصوصية، بل ما وصفه مراقبون بـ”الخرق الدولي المزدوج”، إذ تمنع القوانين العالمية تصدير أدوات المراقبة والاختراق إلى مناطق الصراع، كما أن التعامل مع شركات إسرائيلية في بلدٍ لا تربطه علاقات رسمية بتل أبيب يُعد مخالفة واضحة للضوابط السياسية والقانونية.
تُعرف شركة Cellebrite بأنها من أبرز الشركات التي تطوّر أدوات تحليل الهواتف في العالم، وغالبًا ما تُستخدم من قبل وكالات أمنية غربية لأغراض التحقيقات الجنائية، غير أن استخدامها في اليمن، وبأيدي طرفٍ متهم بالانتماء إلى جماعة مصنفة إرهابية في بعض الدول، يُحوّل المسألة إلى فضيحة أمنية ذات أبعاد دولية.
يعيد هذا التسريب طرح قضية انعدام الثقة في المؤسسات الأمنية التابعة لحزب الإصلاح، ويؤكد أن الصراع في اليمن لم يعد مقتصرًا على الأرض والسلاح، بل تمدد إلى الفضاء الإلكتروني والمعلوماتي.
فبينما يواصل اليمنيون معركتهم اليومية للبقاء، يبدو أن بياناتهم ومعطياتهم الشخصية أصبحت جزءًا من حربٍ خفية تُدار بمفاتيح رقمية تحمل توقيعًا إسرائيليًا.