شهدت الجمعية العامة للأمم المتحدة لحظة فارقة حين أقرت بأغلبية ساحقة “إعلان نيويورك”، الذي يؤسس لمرحلة جديدة في مسار حل الدولتين.
فقد صوتت 142 دولة لصالح القرار مقابل معارضة 10 دول فقط، في دلالة على اتساع دائرة الدعم الدولي لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وتجديد التأكيد على أن تسوية النزاع الفلسطيني– الإسرائيلي لا يمكن أن تكون إلا عبر الاعتراف بحقوق الفلسطينيين المشروعة.
وثيقة شاملة ومسار لا رجعة فيه
يضع الإعلان إطارًا متكاملاً يتجاوز البيانات التقليدية، إذ حدد “خطوات عملية لا رجعة فيها” لإنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967.
وتتضمن الوثيقة دعوة إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي المحتلة، والتأسيس لدولة فلسطينية ذات سيادة على حدود ما قبل 1967، مع اعتبار القدس الشرقية عاصمة لهذه الدولة.
كما ركزت على معالجة ملفات شائكة مثل قضية اللاجئين، وتوحيد مؤسسات الحكم الفلسطيني، وإجراء انتخابات ديمقراطية بإشراف دولي.
غزة والضفة.. وحدة المسار والمصير
يولي الإعلان أهمية خاصة للوضع في قطاع غزة، باعتباره جزءًا لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية، ونصت الوثيقة على ضرورة وقف الحرب فورًا وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل، إلى جانب إنشاء لجنة انتقالية تدير القطاع تحت مظلة السلطة الفلسطينية، مع دعم أممي لضمان الاستقرار.
كما شددت على أن توحيد غزة مع الضفة الغربية يمثل خطوة حاسمة نحو استعادة وحدة الأرض والقرار الفلسطيني.
أبعاد إنسانية واقتصادية
لم يقتصر القرار على الأبعاد السياسية، بل امتد ليشمل الجوانب الإنسانية والاقتصادية، فقد أكد على أولوية إعادة إعمار غزة، وتقديم الدعم للشعب الفلسطيني لمواجهة تداعيات الحرب على الأمن الغذائي والبنية التحتية.
كما أشار إلى أن المساعدات يجب أن تقدم بمعايير إنسانية بحتة بعيدًا عن أي توظيف سياسي أو عسكري.
دور دولي وإقليمي داعم
الإعلان لم يكن نتاجًا أمميًا بحتًا، بل جاء برعاية مشتركة من السعودية وفرنسا، ما يعكس التقاء الإرادة الدولية مع الدورين العربي والأوروبي في الدفع نحو السلام.
الوثيقة تضمنت أيضًا إشارات إلى إنشاء بعثة دولية لحفظ الاستقرار تحت إشراف مجلس الأمن، بما يضمن الأمن المتبادل للفلسطينيين والإسرائيليين، ويمنع تكرار دورات العنف.
الطريق إلى الاعتراف الكامل
واحدة من أبرز نقاط الإعلان هي الدفع باتجاه توسيع دائرة الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، والعمل على حصولها على عضوية كاملة في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى.
كما شدد على مواجهة خطاب الكراهية والتحريض، ومعالجة الجذور التاريخية والسياسية للصراع، بما يضمن بناء بيئة مناسبة لتعايش سلمي طويل الأمد.
إقرار “إعلان نيويورك” يعكس إرادة دولية تتجاوز لغة التنديد المعتادة، إذ يقدم خريطة طريق واضحة لإنهاء الاحتلال، وتأسيس دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة، تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل.