في ظل الانقسامات العديدة التي تشهدها جماعة الإخوان المسلمين بالخارج، أعلنت جبهة إسطنبول، إحدى الجبهات المتصارعة على قيادة التنظيم، تدشين هيئة استشارية للتنظيم، ما أثار تساؤلات حول موقف جبهة لندن من إجراءات مجموعة إسطنبول الأخيرة، ودور مكتب إرشاد التنظيم في إسطنبول.
وأعلن محمود حسين، الذي يقود جبهة الإخوان في إسطنبول، والذي نصب نفسه قائماً بأعمال مرشد (الإخوان)، خلفاً لإبراهيم منير، الذي كان يقود جبهة لندن، خلال حوار أجراه أخيراً مع قناة وطن الموالية للتنظيم، أنه “سوف ينشئ كياناً جديداً (غير الرابطة) التي تدير شأن (الإخوان) بالخارج، وهي تكوين (هيئة استشارية) جديدة لـ(الإخوان)، وهي ليست بديلاً – حسب قوله – عن مكتب (الإرشاد في إسطنبول)”.
وهو ما اعتبره مراقبون أنه بذلك يحاول محمود حسين أن يُقدم بشكل جديد مجموعته باعتبارها الأصل في تكوين التنظيم، وأنه يستعين بـ(هيئة استشارية) تعينه على العمل داخل التنظيم، ويقودها بمنهجية (الشورى الملزمة) – على حد زعمه – وهو ما يخالف به تصوراته في الأساس وسبب الخلاف الحالي في التنظيم».
كما يرون أن (الهيئة الاستشارية) التي سوف يعيّنها محمود حسين، هي مجموعته الأساسية، فلا يوجد من (القيادات القديمة) كثيرون يتعاونون معه لأسباب كثيرة، سواء أمنية أو جغرافية أو معيشية، وما يملكه محمود حسين الآن هو (مجموعة تسيير أعمال) تخضع لقراراته وأفكاره وأيديولوجياته.
وأوضحوا أن مهام هذه الهيئة الاستشارية (غير معروف) حتى الآن، وهل ستحل (فعلياً) محل (مكتب إرشاد في إسطنبول) التنظيم، أم ستكون مجرد هيئة، ليس لها أي صلاحيات، حتى داخل (جبهة إسطنبول) وليس داخل التنظيم.
وقبل أشهر قام إبراهيم منير بحل المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وشكل هيئة عليا بديلة عن مكتب إرشاد الإخوان في إسطنبول، كما صعد بتشكيل مجلس شورى لندن وإقالة أعضاء مجلس شورى إسطنبول وفي مقدمتهم محمود حسين من مناصبهم.
وبات بذلك الآن الصراع مستمرا حول منصب القائم بأعمال المرشد بين جبهتي إسطنبول ولندن، ورغم إعلان مجموعة لندن الشهر الماضي أن محيي الدين الزايط (وهو نائب رئيس الهيئة العليا بتنظيم الإخوان، التي تقوم بمهام مكتب الإرشاد) هو من يتولى المهام الإدارية داخل الإخوان ومنصب القائم بأعمال المرشد مؤقتاً لحين انتخاب قائم بأعمال المرشد، فإن جبهة إسطنبول عيّنت محمود حسين قائماً بأعمال المرشد.
واستند مجلس الشورى العام، (التابع لجبهة إسطنبول) في ذلك القرار إلى أن اللائحة تنص على أنه في حال حدوث موانع قهرية – حسب وصفها – تحول دون مباشرة المرشد لمهامه يحل محله نائبه الأول، ثم الأقدم فالأقدم من النواب، ثم الأكبر فالأكبر من أعضاء (مكتب الإرشاد).
وكانت جبهة إسطنبول ألمحت قبل أيام في بيانين متتاليين إلى فشل المفاوضات مع (جبهة لندن)، بشأن منصب نائب مرشد التنظيم (القائم بأعمال المرشد)، والتوافق حول شخصية بارزة في الجبهتين، تقود التنظيم في المرحلة المقبلة.
وكشف البيانان عن زيادة حدة الانقسام باتهام جبهة إسطنبول لمجموعة لندن بمحاولات تمزيق (الإخوان) وتشكيل (كيانات موازية غير شرعية)، وفرض أشخاص (في إشارة لاختيارات مجموعة لندن) على رأس التنظيم بالمخالفة الصريحة للنظم واللوائح.
وانتهت المهلة التي حدّدها الزايط لاختيار قائم بأعمال المرشد العام بشكل دائم خلفاً لمنير. وكان الزايط قد أكد بعد ساعات من وفاة منير، في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أنه سيتولى القيام بالمهام الإدارية داخل (الإخوان) مؤقتاً حتى يتم استكمال المؤسسات الداخلية للتنظيم.
وأضاف الزايط أن (جبهة لندن) سوف تعلن خلال أقل من شهر (كافة الأمور الإدارية الجديدة)، لكن مرّ أكثر من 50 يوماً على تصريحات الزايط، من دون حدوث أي إجراءات جديدة.
ووفقا لمصدر مطلع على تحركات الإخوان، فإن انتهاء المهلة التي حددها الزايط لاختيار (جبهة لندن) قائماً بأعمال المرشد، هي التي تدفع (مجموعة إسطنبول) لهذه التحركات، خاصة بعدما تردد من وجود (انقسام) حول من سيخلف إبراهيم منير.
وبحسب رأي الخبراء (مجموعة لندن) حتى الآن لم تتفق على (بديل) إبراهيم منير، ومشغولة بالرد على (الادعاءات) التي وجّهت لهم من قبل (مجموعة إسطنبول)، وحتى الموعد الذي اختاره الزايط لهذا الأمر، مرّ وقته، وأصبح في (حرج) أمام الإعلام وعناصر التنظيم.
وشرحوا أن اختيار (بديل) بعد رحيل منير مع تقدم عُمر كل من سيخلفه، أصبح فيما يبدو أمراً عسيراً، حتى الشباب المطروحون حالياً من الصعب التوافق عليهم، والآن الترقب هو سيد الموقف في (جبهة لندن)، حتى المناوشات الإعلامية تحذرها (مجموعة لندن) بشكل كبير في الوقت الحالي.
وتابعوا أن (مجموعة لندن) إزاء تحركات (مجموعة إسطنبول) تعيش حالة (ربكة)، والأسماء المرشحة لخلافة منير تعاني من إشكالات، تحول دون تأديتها الأدوار نفسها التي كان يقوم بها إبراهيم منير.