شهد عام 2022 نكبات وهزائم عديدة للإخوان في مدينة شبوة اليمنية، وذلك بعد الخسائر العديدة التي تلقاها التنظيم الإرهابي واحدة تلو الأخرى، إذ فقدت الجماعة سيطرتها على شبوة بجنوب البلاد بعد إحكام قبضتها عليها لأعوام واستغلالها كورقة ضغط للمناورة ولتعزيز نفوذهم السياسي كونها المحافظة الغنية بالنفط والغاز.
وتلقى الإخوان في شبوة درسا تاريخيا بعد أن تم كبح نفوذهم بالقوة واستئصالهم من المحافظة ذات الثقل الاقتصادي والسياسي الكبير خلال عام 2022، إذ تصاعدت الأحداث تدريجيا حتى تحولت إلى معركة كسر عظم بين قوة عسكرية وأمنية يديرها الإخوان وفقا لمخططاتهم وبين قوة دفاع شبوة، وهي قوة محلية أمنية ومعها السلطة المحلية بقيادة المحافظ عوض ابن الوزير المدعوم من قوات العمالقة الجنوبية.
وبدأت الخسائر الفعلية للإخوان بعد صعود زعيم قبائل العوالق الشيخ عوض ابن الوزير العولقي إلى رأس السلطة المحلية في 25 ديسمبر 2021 لتدخل المحافظة عهدا جديدا من مواجهة الحوثي والإخوان سويا ولعبت فيها العمالقة بمثابة رأس حربة لحسم المعركتين.
وتجنب الإخوان خوض المعارك مع الحوثيين وكرسوا كل جهدهم لتفجير معركة داخلية تعيدهم إلى سدة الحكم مجددا وذلك بالدفع بقائد القوات الخاصة بشبوة العميد عبد ربه لعكب لشراء الأسلحة والاستعداد لخوض مواجهة فاصلة.
وأيضا بالإضافة لعكب والقوات الخاصة، دفع الإخوان بـ8 ألوية وكتائب أخرى هي “النجدة” و”لواء الإنشاءات” و”اللواء 21 ميكا”، و”اللواء الثاني جبلي” و4 من ألوية محور بيحان واستهدفت الخطة الإخوانية الانتفاضة من الداخل وتطويق مدينة عتق (عاصمة شبوة) من خارجها.
فيما اعتمد الإخوان على أكثر من 181 آلية ودورية كتعزيزات من مأرب وأبين لمساندة قواتهم في شبوة من أجل تحقيق نصر خاطف وأخذ المحافظة رهينة أبدية لكن حكمة المحافظ عوض ابن الوزير لعبت دورا كبيرا في امتصاص ضربات الإخوان قبل الانقضاض عليهم.
وعمل ابن الوزير في البدء على إقالة قيادات الإخوان التي وصفها بـ”المتمردة”، وخرج علانية لفضح مخططاتها ليلجأ التنظيم الإرهابي لتفجير معركة شرسة في 8 أغسطس في مسعى للانقلاب على السلطة المحلية، وفي خطوات ابن الوزير باركها مجلس القيادة الرئاسي الذي أطاح بقيادات الإخوان وشملت إقالة قائد محور عتق وتعيين بديل عنه وكذا شرطة شبوة فضلا عن الإطاحة بقائد القوات الخاصة الإخواني وزعيم التمرد عبد ربه لعكب وتعيين بديل عنه.
واستهدفت خطوات المجلس الرئاسي وأد الفتنة، إلا أن قيادات الإخوان حاولت التصعيد ما دفع محافظ شبوة لتوجيه “إنذار أخير” للقيادات المتمردة قبل أن يطلق في 10 أغسطس عملية عسكرية لإنهاء تمرد الإخوان.
لذا تدخلت قوات نوعية من قوات العمالقة وقوات دفاع شبوة ونجحت بالفعل خلال وقت قياسي من استعادة مواقع حيوية وعسكرية في عتق أهمها “مقر القوات الخاصة، معسكر الشهداء، معسكر الإنشاءات”، وسيطرت على “كافة الحواجز الأمنية، مبنى الأوائل مقر قوات النجدة، معسكر محور عتق في تلة “الكدس”، موقع “الجلفوز” الإستراتيجي في المدخل الشرقي لمدينة عتق”.
ومع تلك الضربات الحاسمة، اختنقت قيادات الإخوان المتمردة التي لم تجد مفرا سواء عبر مفرق “الصعيد” باتجاه مأرب، أحد معاقل التنظيم الإرهابي ليعلن لاحقا محافظ شبوة انتهاء التمرد وعودة الأوضاع إلى طبيعتها في عتق وعفو عام للمغرر بهم.
وعقب ذلك، أعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي تشكيل لجنة برئاسة وزير الدفاع وعضوية وزير الداخلية وخمسة من أعضاء اللجنة الأمنية العسكرية المشتركة وفقا لإعلان نقل السلطة للقيام بتقصي الحقائق ومعرفة الأسباب التي أدت إلى إزهاق الأرواح من أبناء محافظة شبوة.
وحقق نزع مخالب الإخوان من شبوة إبعاد المحافظة إلى حد كبير من دائرة التجاذبات والانقسامات السياسية التي شهدتها طوال الأعوام الماضية بفعل الإخوان، كما ساهم في نزع أوراق القوة التي ظل الإخوان يتباهون بها وجعلوا منها عوامل تعطيل بالمحافظات المحررة، وفقا لخبراء.
ومع التصدي لتمرد شبوة، أصبحت الفرصة كبيرة لتفعيل جبهة مواجهة قوية وتتمتع بقدر عال من التوافق والانسجام والتناغم ضد ميليشيا الحوثي”، إذ مثل ذلك مسبقا صعوبة بسبب “توجه الإخوان لصنع بؤر التوترات والصراعات البينية، واستعداء جميع الحلفاء المحليين وفي دول التحالف العربي الذين وصفهم الإخوان بنفس الأوصاف التي يرددها الحوثيون”.