جرد المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا جماعة الإخوان المسلمين، والقائد الأبرز بداخلها إبراهيم الزيات، صهر مؤسس جماعة الإخوان المسلمين في تركيا، من مناصبهم في التنظيم، ويأتي ذلك في الوقت الذي أجرى فيه المجلس، وهو منظمة إسلامية شهيرة تضم عشرات الآلاف من الأعضاء المسلمين من جنسيات مختلفة، انتخاباته أمس وسط تحديات كبيرة تواجه المسلمين في ألمانيا، بحسب التقارير.
وبعد إجراءات ألمانيا ضد جماعة الإخوان وإبراهيم الزيات أحد أبرز القيادات الخطيرة داخل التنظيم الدولي للإخوان المسلمين كشفت عن مراحل تاريخية في تعامل السلطات الألمانية مع الإخوان.
وكان عام 2001 نقطة التحول الرئيسية لألمانيا في كيفية تعاملها مع جماعة الإخوان المسلمين وذلك بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، بدأت ألمانيا التحقيق في شبكات الإخوان وتأثير الأيديولوجيا على التطرف والإرهاب في البلاد.
وبدأ الاهتمام بالدور التاريخي للإخوان كمنصة انطلاق لإرهابيين مهمين بمن فيهم مؤسس القاعدة أسامة بن لادن وأيمن الظواهري الذي قتل موخرا إثر غارة أميركية، على وجه الخصوص، بدأ الألمان في البحث في مدى ارتباط المنظمات الإخوانية بألمانيا باتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا المعروف باسم مجلس المسلمين الأوروبيين (CEM) منذ عام 2020، والذي يعد أحد أهم العقد عبر الوطنية في شبكة الإخوان في أوروبا.
وكانت هذه بداية المرحلة الثانية من السياسة الألمانية، عندما تم تجنب الاتصال الرسمي بالإخوان المسلمين والجماعات الأخرى التي تتبنى الإسلام السياسي، على الأقل كجزء من التعاون الألماني في مكافحة الإرهاب مع حكومات مثل الأردن وسوريا ومصر، ومع ذلك، استمر الإخوان في كسب النفوذ بين المسلمين في ألمانيا، ونشروا أفكارهم حول الشريعة الإسلامية ونظام الحكم المثالي، وهي أفكار تتعارض بشدة مع المفاهيم الغربية للسيادة الشعبية والديمقراطية الليبرالية.
وبدأت المرحلة الثالثة من سياسة ألمانيا تجاه جماعة الإخوان المسلمين في عام 2011، مع بداية ثورات الربيع العربي، عندما تحولت برلين إلى سياسة “الانخراط الحذر”، وذلك بعد أن فوجئت بوصول الإخوان إلى السلطة في مصر وتونس، وصعودهم إلى مناصب السلطة في ليبيا، حينها سارعت الحكومة الألمانية لإيجاد سياسة جديدة، كان أحد المفاهيم أن الحكومة التركية تمثل تسوية معتدلة لحزب إسلامي في السلطة داخل هيكل دولة علمانية، وأدى ذلك إلى توترات فورية.
لكن هذه السياسة لم تدم طويلاً، سقط نظام الإخوان في مصر عام 2013، وانهارت ليبيا مرة أخرى في حرب أهلية في عام 2014، إلا أن في ذلك الوقت شهد تدشين تنظيم “داعش”؛ الأمر الذي أدى إلى انتشار موجة للإرهاب في أوروبا من 2014 إلى 2017 إلى تغيير التصورات في جميع أنحاء القارة عن تنظيم الإخوان.
وفي هذه المرحلة الرابعة من تعامل ألمانيا مع الإخوان، يسير الألمان على خطى دول مثل النمسا وفرنسا، التي عززت إجراءات مكافحة الإرهاب والتطرف على أراضيها، حيث بدأت السلطات الألمانية في النظر إلى الأضرار الاجتماعية التي تسببها الجماعات المتطرفة، ليس فقط الإسلاميين مثل جماعة الإخوان، ولكن الجماعات مثل القومية التركية المتطرفة الذئاب الرمادية، وبدأ الألمان في التحرك نحو التشريع، ولاسيما البحث عن تقييد المصادر الأجنبية لتمويل الجماعات الإسلامية؛ لرسم خريطة للتمويل من المساعدات المالية الحكومية والإعفاءات الضريبية والاستثمارات مثل العقارات، وتتطلع إلى تنظيم أنشطة الإسلاميين داخل ألمانيا.
وفي الآونة الأخيرة صدر تقرير رسمي عن البرلمان الأوروبي حدد بالتفصيل تغلغل الإخوان في عشر دول أوروبية، وركز التقرير على عدة أفكار، بما في ذلك التباين الأيديولوجي عبر الجماعات المرتبطة بالإخوان، ونهج التنظيم في الوطنية وتمويله.
وعلى الصعيد الأمني، يتخذ المكتب الاتحادي الألماني لحماية الدستور نهجًا أكثر نشاطًا تجاه جماعة الإخوان المسلمين، ويراقب هيكلها ونواياها، حدث ذلك في إطار تحول سياسي عام على جميع المستويات في ألمانيا جعل مخاطر الإخوان المسلمين أكثر وضوحا، وقد تجلى ذلك في مناقشات البرلمان الألماني في الوقت الحاضر حيث تم طرح مشروعي قرارين لمواجهة التنظيمات الإسلامية وخاصة الإخوان المسلمين، وبذلك تستمر الإجراءات الألمانية ضد جماعة الإخوان في ألمانيا.