تنامٍ بالغ في العلاقات بين تركيا وطالبان، حاليًا، بعد سيطرة الحركة على أفغانستان، بدوافع تولي أنقرة مهام تأمين مطار كابول، وهو ما أثار اهتمامًا بالغًا في العالم لتناقض أنقرة بشأن ادعائها العمل لصالح أفغانستان.
وبعد أن أكملت القوات الدولية انسحابها من أفغانستان يوم الاثنين الماضي، تماشيًا مع الموعد النهائي الضيق الذي حدده الرئيس الأميركي جو بايدن، عرضت تركيا الاحتفاظ بقوات في مطار حامد كرزاي الدولي في كابول في محاولة مزعومة لضمان استمرار السفر الجوي الدولي بأمان.
وكشف موقع “أحوال” التركي أن لأنقرة مصالح خاصة في أفغانستان ولا تسعى لصالح كابول على الإطلاق، لذلك تقيم علاقات قوية مع طالبان بالتعاون مع قطر.
وأشار الموقع إلى مزاعم كريس كيلفورد، الضابط السابق في القوات الجوية الكندية والملحق الدفاعي لتركيا وأذربيجان، التي قال فيها إنه: “يجب على دول الناتو أن ترحب بدور تركي أكبر في أفغانستان”.
وقال كيلفورد، في تصريحات لموقع “بودكاست أناضول ديسباتش”، إن علاقة تركيا الطويلة الأمد مع أفغانستان “نجت حتى من الأيام المظلمة للاحتلال السوفيتي” وبالتالي من المرجح أن تستمر أيضًا في العصر الجديد.
وأكد كيلفورد أن تركيا تعمل أيضًا من أجل مصلحتها الذاتية وحاولت “إبقاء نفسها في المطار” لكنها لم تستطع “التخلص من ارتباط الناتو”.
ورغم تلك المزاعم والمساعي التركية، إلا أنه يُنظر إلى تأمين المطار على أنه أمر حاسم لضمان المشاركة الدولية المستقبلية في أفغانستان، مما يسمح للآلاف ممن يسعون لمغادرة البلاد بالقيام بذلك، مع توفير نقطة دخول لموظفي السفارات الأجنبية ومنظمات الإغاثة.
وأوضح “أحوال” أن الزيادة الأخيرة في عدد اللاجئين الأفغان الذين يعبرون إلى تركيا تعرضت لرد فعل شعبي عنيف، مشيرا إلى أن الشركات التركية تسعى إلى الاستفادة من عقود البناء للمساعدة في إعادة بناء البنية التحتية في أفغانستان، لإنعاش الأزمة الاقتصادية التي تشهدها أنقرة.
وأثار خروج الناتو تساؤلات حول من قد يسعى لملء الفراغ، حيث من المحتمل أيضًا أن تحاول قطر وباكستان إعادة دمج نفسيهما “ومساعدة طالبان”، خاصة أن أنقرة تحاول أن تلعب دورًا إستراتيجيًا لحلف الناتو.
وفي تقرير سابق لموقع “بي بي سي” البريطاني، أكد أن قطر وتركيا، تحاول كلتاهما الاستفادة من تاريخ حديث من العلاقات مع طالبان، وترى كلتاهما الفرص المتاحة، لكن كلتيهما تجازفان أيضاً وهذا الأمر من شأنه أن يغذي التنافسات القديمة في الشرق الأوسط، حيث باتوا يمثلان حبل نجاة لحركة طالبان وحلقة وصل لها بالعالم الخارجي.
وتابع أن تركيا، التي لديها علاقات تاريخية وعرقية قوية في أفغانستان، حاضرة على الأرض هناك بقوات غير قتالية بصفتها العضو الوحيد بغالبية إسلامية في حلف الناتو، وبحسب محللين، فإنها تمكنت من تطوير علاقات استخبارية وثيقة مع بعض الميليشيات المرتبطة بطالبان.
وتعليقا على ذلك، يرى البروفيسور أحمد هاشم هان، الخبير في العلاقات الأفغانية في جامعة ألتينباس في إسطنبول، أن التعامل مع طالبان يقدم فرصة للرئيس أردوغان، مضيفا أن “طالبان تحتاج إلى استمرار المعونات الدولية والاستثمار من أجل الحفاظ على قبضتها على السلطة، فحركة طالبان ليست قادرة حتى على دفع رواتب موظفي حكومتها اليوم”.
وقال إن تركيا قد تحاول وضع نفسها في وضعية “الضامن أو الوسيط أو الجهة الميسرة للأمور”- أو كوسيط أكثر موثوقية من روسيا والصين-اللتين تركتا سفارتيهما مفتوحتين في كابل، مشيرا إلى أن تعميق العلاقات في أفغانستان يُتيح للرئيس أردوغان “توسيع رقعة الشطرنج” الخاصة بسياسته الخارجية واللعب بطريقة تروق للقاعدة الشعبية المؤيدة لحزبه، حزب العدالة والتنمية.