في أول تصريح علني، بعد الكثير من المفاوضات، أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، اليوم الجمعة، عن كواليس المفاوضات مع حركة طالبان بعد استيلائها على أفغانستان.
وقال أردوغان، في مؤتمر صحفي، اليوم، وفقا لما نقلته وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية، إن طالبان قدمت عرضا للحكومة التركية يتمثل بتشغيل مطار حامد كرزاي الدولي في العاصمة الأفغانية كابل.
وأضاف أردوغان: “تركيا لن تطلب إذن أحد حيال الاتصالات المحتملة مع طالبان.. لدى طالبان عروض لنا بخصوص تشغيل مطار كابل، ولم نتخذ قرارًا بعد بهذا الصدد”.
كما أبدى رفضه “للهجوم الإرهابي الذي استهدف مطار كابل أمس الخميس”، مضيفا أن “قيام داعش بهذه الخطوة في هذه المرحلة يكشف مدى خطورة هذا التنظيم في المنطقة والعالم”.
وفيما يخص الجنود الأتراك في أفغانستان، قال الرئيس التركي: إن بلاده “تواصل إجلاء جنودها من أفغانستان وستستكمل ذلك في أسرع وقت”.
ويأتي ذلك بعد تصريحات سابقة أدلى بها الرئيس التركي، قبل يومين حيث قال: “إننا نتعامل مع رسائل قادة طالبان بتفاؤل حذر”، لافتا أن بلاده تواصل الحوار مع مختلف الأطراف الأفغانية، ومعتبرا أن “خطوات طالبان وأفعالها لا أقوالها هي ما سيحدد شكل المرحلة القادمة في أفغانستان”.
ويأتي ذلك تزامنا مع إعلان وزارة الدفاع التركية، الأربعاء الماضي، بدء عملية إجلاء قواتها من أفغانستان “بعد تقييم مختلف الاتصالات والوضع والظروف الراهنة”.
وحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بكل السبل، الدخول إلى أفغانستان وتأمين مطار كابل، الذي بات المنفذ البعيد عن أيدي طالبان، ليحصد مكان القوات الأميركية بالبلاد.
وسبق أن أبدى أردوغان رغبته في الدخول لأفغانستان، قبل قمة الأطلسي، في يونيو الماضي، مدعيا أن بلاده هي “البلد الوحيد الموثوق به” الذي يحتفظ بقوات في أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي والأطلسي.
وظهرت رغبة أردوغان في الدخول لأفغانستان بعد تولي الرئيس الأميركي جو بايدن السلطة في يناير الماضي، حيث أعلن سحب القوات الأميركية من أفغانستان، في 11 من سبتمبر المقبل، بالتزامن مع ذكرى الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها بلاده لتشن حربا على أفغانستان.
وولدت تلك الرغبة التركية القلق من نشوب حرب بأفغانستان بين أنقرة وطالبان، لذلك تتوقع الاستخبارات الأميركية انهيار حكومة كابل بعد 6 أشهر من انسحاب الولايات المتحدة.
وغازل أردوغان طالبان مجددا الدعوة للحوار معها كما يهدف الحصول على إدارة مطار كابل، مطالبا بضرورة إبقاء قنوات الحوار مع الحركة مفتوحة، واتباع نهج تدريجي بدلا من نهج قائم على شروط صارمة، مبينا أن تركيا ترحب مبدئيا بالرسائل المعتدلة التي صدرت عن الحركة المتشددة.
وسبق أن قال الناطق باسم حركة طالبان الأفغانية، سهيل شاهين، إنهم يريدون إقامة علاقات جيدة مع تركيا ودول الجوار، ما يثبت إجراء عدة مفاوضات مشتركة بين الطرفين مع وساطة قوية لتنفيذ تلك الأغراض الإرهابية.
المثير للجدل، أن شاهين، أدلى بذلك خلال لقاء مباشر له مع قناة A Haber التركية، مضيفا أن طالبان تعتبر تركيا دولة شقيقة، كونها دولة إسلامية، موضحا: “نود أن نكون قريبين من تركيا للحصول على أي مساعدة مالية أو تعاون”.
وتابع زعما أن حكومتهم ستكون مريحة، وستساعد النظام العالمي وتتكيف معه وستكون في وئام مع الجميع في المنطقة، مضيفا: “سنكون في وئام مع الجميع في باكستان وأفغانستان ومن حولنا. نريد تشكيل حكومة من خلال الاعتراف بالحقوق الأساسية لشعبنا. فليشعر الجميع بالاطمئنان. نحن لا نشكل تهديدًا لأحد”.
كما قال الملا محمد يعقوب نجل الزعيم السابق محمد عمر، بشأن الموقف من أنقرة، إن “تركيا بلد نريد إقامة علاقات وثيقة معه. نطلب من أردوغان أن يحترمنا. تركيا بلد يستضيف العديد من الأفغان ونريد إقامة علاقات وثيقة معه. نحن لا نعتبر تركيا عدوًا بل حليفا”، في إشارة إلى ضرورة التخلي عن رغبة أنقرة في إبقاء قوات تركية في أفغانستان.