بعدما أسدلت المملكة الأردنية أمس الستار على “المؤامرة” التي شهدها القصر الملكي، حرص العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني على أن يعيد الأجواء الودية والطمأنينة لقلوب المواطنين وإرساء الاستقرار بالبلاد، عقب تلك الأيام المريرة التي شهدها.
ووجه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني رسالة وجهها، اليوم الأربعاء، إلى الأردنيين، أكد فيها أن الفتنة وئدت ببلاده وأنها باتت آمنة ومستقرة، حيث اعتبر أن تحدي الأيام الماضية لم يكن الأصعب على الوطن لكنه كان الأكثر ألما بها بالنسبة له.
وقال: إن “الأمير حمزة في قصره ومع عائلته وتحت رعايتي، والأمير التزم بأن يكون مخلصا لرسالة الآباء والأجداد، وبأن يضع مصلحة الأردن ودستوره فوق أي اعتبارات”، موضحا أنه قرر التعامل مع موضوع الأمير حمزة في إطار الأسرة الهاشمية، على أن يتولى هذا الأمر عمه الأمير الحسن بن طلال.
واستهل رسالته بقوله: “أتحدث إليكم اليوم، وأنتم الأهل والعشيرة، وموضع الثقة المطلقة، ومنبع العزيمة، لأطمئنكم أن الفتنة وئدت، وأن أردننا الأبي آمن مستقر. وسيبقى، بإذن الله عز وجل، آمنا مستقرا، محصنا بعزيمة الأردنيين، منيعا بتماسكهم، وبتفاني جيشنا العربي الباسل وأجهزتنا الأمنية الساهرة على أمن الوطن.. اعتاد وطننا على مواجهة التحديات، واعتدنا على الانتصار على التحديات، وقهرنا على مدى تاريخنا كل الاستهدافات التي حاولت النيل من الوطن، وخرجنا منها أشد قوة وأكثر وحدة، فللثبات على المواقف ثمن، لكن لا ثمن يحيدنا عن الطريق السوي الذي رسمه الآباء والأجداد بتضحيات جلل، من أجل رفعة شعبنا وأمتنا، ومن أجل فلسطين والقدس ومقدساتها”.
وتابع العاهل الأردني: إنه “لم يكن تحدي الأيام الماضية هو الأصعب أو الأخطر على استقرار وطننا، لكنه كان لي الأكثر إيلاما، ذلك أن أطراف الفتنة كانت من داخل بيتنا الواحد وخارجه، ولا شيء يقترب مما شعرت به من صدمة وألم وغضب، كأخ وكولي أمر العائلة الهاشمية، وكقائد لهذا الشعب العزيز… لكنّ لا فرق بين مسؤوليتي إزاء أسرتي الصغيرة وأسرتي الكبيرة، فقد نذرني الحسين، طيب الله ثراه، يوم ولدت لخدمتكم، ونذرت نفسي لكم، وأكرس حياتي لنكمل معا مسيرة البناء والإنجاز في وطن العز والسؤدد والمحبة والتآخي. مسؤوليتي الأولى هي خدمة الأردن وحماية أهله ودستوره وقوانينه. ولا شيء ولا أحد يتقدم على أمن الأردن واستقراره، وكان لا بد من اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأدية هذه الأمانة”.
وشدد قائلا: “وكان إرثنا الهاشمي وقيمنا الأردنية الإطار الذي اخترت أن أتعامل به مع الموضوع، مستلهما قوله عز وجل (وَٱلْكَـٰظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ)، وقررت التعامل مع موضوع الأمير حمزة في إطار الأسرة الهاشمية، وأوكلت هذا المسار إلى عمي صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال. والتزم الأمير حمزة أمام الأسرة أن يسير على نهج الآباء والأجداد، وأن يكون مخلصا لرسالتهم، وأن يضع مصلحة الأردن ودستوره وقوانينه فوق أي اعتبارات أخرى، وحمزة اليوم مع عائلته في قصره برعايتي”.
كما أشار إلى أنه “وفيما يتعلق بالجوانب الأخرى، فهي قيد التحقيق، وفقا للقانون، إلى حين استكماله، ليتم التعامل مع نتائجه، في سياق مؤسسات دولتنا الراسخة، وبما يضمن العدل والشفافية.. والخطوات القادمة، ستكون محكومة بالمعيار الذي يحكم كل قرارتنا: مصلحة الوطن ومصلحة شعبنا الوفي.. وسيبقى الأردن، بهمة النشامى وعزيمتهم وإخلاصهم، شامخا، كبيرا بقيمه وبإرادته وبمبادئه، نبراسنا الحزم في الدفاع عن الوطن، والوحدة في مواجهة الشدائد، والعدل والرحمة والتراحم في كل ما نفعل”.
وشهد القصر الملكي الأردني أحداثا مشتعلة غير مسبوقة، الأيام الماضية، عن مؤامرة تستهدف أمن واستقرار البلاد تورط فيها الأمير حمزة بن الحسين ولي العهد السابق الأخ غير الشقيق للملك عبدالله الثاني، قبل أن يسدل ستارها اليوم.
وأعلن نائب عام عمّان حسن العبداللات، أنه حفاظا على سرية التحقيقات التي تجريها الأجهزة الأمنية، المرتبطة بالأمير حمزة بن الحسين وآخرين، تم حظر النشر في كل ما يتعلق بها في هذه المرحلة من التحقيقات، لحين صدور قرار بخلاف ذلك.
ويتضمن قرار الحظر وسائل الإعلام المرئي والمسموع ومواقع التواصل الاجتماعي، ونشر وتداول أي صور أو مقاطع مصورة “فيديوهات”، تتعلق بهذا الموضوع وتحت طائلة المسؤولية الجزائية، بالاستناد لأحكام المادة 255 من قانون العقوبات، و38 ج/د من قانون المطبوعات والنشر والمادة 39، من القانون ذاته، والتي تجيز للنيابة العامة حظر النشر في كل ما يتعلق بأي مرحلة من مراحل التحقيق حول أي قضية أو جريمة تقع في المملكة.
بينما تعهد ولي عهد الأردن السابق الأمير حمزة بن الحسين، في رسالة وقعها أمس الأول الاثنين، بالولاء لملك البلاد وولي عهده، ليؤكد بذلك انتهاء الأزمة التي شغلت الأردنيين اليومين الماضيين، حيث ورد في بيان للديوان الملكي الأردني أنه: “بعد أن قرر الملك عبدالله الثاني التعامل مع موضوع الأمير حمزة بن الحسين في ضوء تطورات اليومين الماضيين ضمن إطار الأسرة الهاشمية، وأوكل هذا المسار إلى الأمير الحسن بن طلال، تواصل الأمير الحسن مع الأمير حمزة، الذي أكد بأنه يلتزم بنهج الأسرة الهاشمية، والمسار الذي أوكله الملك إلى الأمير الحسن”.
وبدأت الأزمة بعد اتهام الأمير حمزة بقيادة محاولات لتقويض أمن البلاد، والتواصل مع جهات خارجية دولية ومعارضة، ومن ثَم تم اعتقال الشريف حسن بن زيد وباسم إبراهيم عوض الله مدير الديوان الملكي السابق وآخرين لأسباب أمنية تتعلق باستقرار وأمن الأردن.
وخلال يوم الأحد، أعلنت الحكومة الأردنية تفاصيل “المؤامرة” في بيان ألقاه نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية أيمن الصفدي في مؤتمر صحفي، والذي تضمن أن التحقيقات رصدت اتصالات للأمير حمزة مع جهات خارجية -لم يسمها- لزعزعة أمن البلاد، مضيفا “رصدت شخصا له تواصل مع أجهزة أمنية أجنبية اتصل بزوجة الأمير حمزة وعرض عليها تأمين طائرة للخروج من البلاد، وتمت السيطرة بالكامل على التحركات المذكورة، وأمن الأردن مستقر وثابت”.
وتابع الوزير الأردني: إن “هناك جهدا يتم الآن لمحاولة التعامل مع الأمير حمزة داخل إطار الأسرة الهاشمية”، موضحا أن التحقيقات أثبتت “تواصلا بين أشخاص محيطين بالأمير حمزة مع ما يسمى المعارضة الخارجية”، وأن التحقيقات ذاتها أثبتت وجود “نشاطات وصلت إلى مرحلة تمس بشكل مباشر أمن الأردن واستقراره”، معلنا القبض على 16 شخصا من المتورطين في تلك المؤامرة.