بعد مرور ما يقارب أربع سنوات على اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ورغم كل المبادرات الدبلوماسية وتصريحات التهدئة والتفاهمات المؤقتة، لم يقترب الطرفان قيد أنملة من صياغة اتفاق شامل يمكن أن يُنهي أكبر صراع تشهده أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وبينما تتغير خرائط السيطرة يومًا بعد يوم، تبقى الحقيقة الأهم أن الطرفين يملكان نقطة حمراء لا يمكن تجاوزها أو المساومة عليها، وأن كل ما يدور حول طاولات التفاوض ليس سوى محاولة لاختبار حدود تلك النقاط.
ما هي هذه النقطة الحاسمة؟
وقالت مصادر، إنه منذ اللحظة الأولى للحرب، لم يكن الخلاف عسكريًا فقط، بل سياسيًا وهوياتيًا، فأوكرانيا ترى نفسها دولة ذات سيادة كاملة تتجه نحو الغرب، وتبحث عن مظلة أمنية تحميها من التهديد الروسي المستمر، بينما ترى موسكو أن أوكرانيا جزء من مجالها الحيوي، وأن تحولها إلى قاعدة غربية يعني تهديد الأمن القومي الروسي مباشرة.
وبهذا، أصبح الصراع أكبر من مجرد خطوط تماس، وتحول إلى صراع وجودي بالنسبة للطرفين، تجعل كل تنازل ظاهرًا وكأنه هزيمة تاريخية.
النقطة الحمراء الروسية
وأوضحت المصادر، أنه بالنسبة للكرملين، النقطة التي لا يمكن التراجع عنها تتمثل في عدم التخلي عن الأراضي التي ضمتها روسيا بعد 2022، خصوصًا دونيتسك و لوغانسك و زاباروجيا وخيرسون، إضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014.
وتعتبر موسكو أن الاعتراف الدولي بهذه المناطق كأقاليم روسية شرط أساسي لأي اتفاق، أو على الأقل وقف النقاش حولها كجزء من أوكرانيا.
الخط الأحمر الأوكراني
وأشارت المصادر، أنه على الضفة الأخرى، ترى أوكرانيا أن استعادة جميع الأراضي التي فقدتها منذ 2014 هو الحد الأدنى من أي اتفاق، وأن الاعتراف بسيطرة روسيا على أي جزء منها يعني نهاية السيادة الأوكرانية و تكريس سابقة خطيرة في أوروبا و منح روسيا ذريعة للتوسع لاحقًا
ولذلك يؤكد الرئيس فولوديمير زيلينسكي ومسؤولوه، أن السلام لا يُبنى على التنازل، وأن الانسحاب الروسي الكامل هو أساس الحل، وبالإضافة إلى ذلك، تصر كييف على محاسبة روسيا عن الخسائر البشرية و الحصول على تعويضات و ضمانات أمنية صارمة من الغرب، وكلها ملفات تزيد من تعقيد أي مفاوضات سياسية محتملة.
العقدة الجوهرية
واختتمت المصادر، أنه إذا كانت روسيا لا يمكنها التراجع عن الأراضي التي ضمتها، وأوكرانيا لا يمكنها القبول بفقدانها، فإن النقطة الحقيقية التي تمنع إنهاء الحرب هي مَن يمتلك حق رسم الحدود النهائية لأوروبا؟
وقالت: إنه مع استمرار هذا الإصرار، يصبح السلام هدفًا بعيدًا، وتستمر لعبة النار في الاشتغال على حدود أوروبا، بانتظار لحظة نضج سياسي أو تغير ميداني يفرض على الجميع إعادة الحسابات.

