ذات صلة

جمع

طهران تطالب حزب الله بمراجعة “الصبر الاستراتيجي”.. رسائل غير مسبوقة في لحظة حرجة

أعاد استهداف القيادي العسكري البارز في حزب الله، هيثم...

سوريا.. مظاهرات في الساحل وحمص وسط انتشار أمني كثيف

شهدت مناطق في الساحل السوري، ولا سيما في محافظتي...

انزلاق نحو المجهول.. هل نشهد جولة جديدة من القتال على محاور سرت–الجفرة؟

تشهد الساحة الليبية تصاعدًا حادًا في التوترات العسكرية والسياسية،...

حدود قابلة للانفجار.. ما الذي يحرك توتر إسرائيل وحزب الله؟

عاد التوتر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية إلى الواجهة بعد...

حدود قابلة للانفجار.. ما الذي يحرك توتر إسرائيل وحزب الله؟

عاد التوتر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية إلى الواجهة بعد سلسلة اغتيالات استهدفت قيادات بارزة في حزب الله، كان أبرزها مقتل هيثم الطبطبائي، إحدى الشخصيات المحورية في الهيكل العسكري للحزب.

العملية جاءت في توقيت حساس، وفي سياق تصعيد ممنهج يستهدف تفكيك البنية القيادية للتنظيم، ما دفع الأوساط اللبنانية إلى توقع مرحلة أكثر هشاشة سياسيًا وأمنيًا.

الضربة التي أصابت مركز ثقل الحزب العسكري لم تكن مجرد استهداف فردي، بل رسالة إسرائيلية تتجاوز البعد الأمني إلى محاولة فرض إيقاع جديد من الردع، عبر إرباك البنية الداخلية للحزب والتأثير في منظومة اتخاذ القرار لديه.

ارتباك داخلي وتوازنات دقيقة

داخل لبنان، ترك الاغتيال أثرًا مزدوجًا، فمن جهة، أصيب الحاضنة الشعبية للحزب بصدمة نتيجة اختراق أمني كبير، ومن جهة أخرى، وجد الحزب نفسه أمام اختبار يتعلق بقدرته على ضبط ردوده دون الانجرار إلى مواجهة شاملة، إذ يدرك أن أي رد مباشر قد يعيد البلاد إلى مربع الحرب، وهي معادلة يسعى إلى تجنبها رغم ضراوة الاستهداف.

ورغم ما حملته الضربة من رسالة قاسية، اختار الحزب الاستمرار في سياسة تعتمد على التريث، في محاولة لامتصاص الصدمة وتفادي توسيع رقعة المواجهة، خصوصًا في ظل تشابكات إقليمية غير مستقرة.

الإعلام الإسرائيلي.. سلاح موازٍ للاغتيالات

في موازاة العمليات العسكرية، كثفت إسرائيل من حملاتها الإعلامية، مستهدفة بنية الحزب القيادية عبر تسريب معلومات وتقارير متلاحقة حول شخصيات سياسية ودينية وعسكرية.

هذا الأسلوب يسعى إلى خلق حالة ضغط نفسي داخل لبنان، وإظهار الحزب في موقع المتراجع، بما يعمق الإرباك ويؤثر في المزاج الشعبي.

وتبدو هذه الاستراتيجية جزءًا من معركة مركبة، تجمع بين الضربات الأمنية وحملات التأثير الإعلامي، بهدف فرض معادلات جديدة على الساحة اللبنانية وجر الوضع الداخلي نحو مزيد من التشظي.

لبنان الرسمي بين الضغط ومحدودية الخيارات

على المستوى الرسمي، تبدو الدولة اللبنانية محاصرة بواقع معقد، فمن جهة، يتوجب عليها تجنب انزلاق البلاد إلى مواجهة واسعة، ومن جهة أخرى، تواجه ضغوطًا سيادية مرتبطة بالاعتداءات المتكررة على أراضيها.

هذا الوضع يفرض عليها محاولة إيجاد توازن هش بين توجهات القوى الداخلية وطموحاتها الإقليمية، وبين ضغط خارجي يتمثل في التصعيد الإسرائيلي المستمر.

ورغم الدعوات لاحتواء التوتر عبر مسارات دبلوماسية، يبقى تأثير هذه الجهود محدودًا أمام إيقاع الميدان الذي تتسارع أحداثه منذ أشهر.

صبر استراتيجي أم هدنة هشة؟

يعتمد حزب الله على نهج يهدف إلى تجنب الحرب المباشرة، مع الحفاظ على حضور ميداني يردع أي محاولة إسرائيلية لتغيير قواعد الاشتباك.

النهج يقوم على مبدأ التكيف المرحلي مع الضغوط، دون التنازل عن معادلة الردع التقليدية. ومع ذلك، يظل الحزب تحت ضغط مستمر، إذ يُطلب منه الرد من جهة، ومن جهة أخرى ينتظر منه ضبط حدود التصعيد.

وتشكل العمليات الإسرائيلية ضغوطًا إضافية على قراره العسكري، خاصة أن الاغتيال الأخير لم يكن حدثًا معزولًا، بل امتدادًا لسلسلة استهدافات تعكس رغبة إسرائيلية في تحويل الحدود الشمالية إلى ساحة اختبار دائم.

مع تصاعد الضربات وارتفاع لهجة الحرب الإعلامية، يصبح المشهد على الحدود قابلاً للاشتعال في أي لحظة، فالتوتر لا يقتصر على عمليات الاغتيال، بل يمتد إلى انتشار عسكري مكثف، وتربص متبادل، وتوازن هش بين الرغبة في الرد والحرص على تجنب حرب تتجاوز قدرة لبنان على تحملها.