تبدو المرحلة الثانية من اتفاق قطاع غزة الأكثر حساسية وتعقيدًا، فبعد تنفيذ المرحلة الأولى التي شملت وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار وتبادل عدد من الأسرى والمحتجزين، تدخل الأطراف الآن في اختبارٍ أصعب، حيث ترتفع المخاوف من انهيار التفاهمات تحت ضغط الميدان، والتباينات السياسية، وتضارب مصالح اللاعبين الإقليميين والدوليين.
أكدت مصادر مع أنّ الاتفاق يُنظر إليه باعتباره فرصة لتقليل التوتر الإنساني وفتح نافذة أمل لاحتواء الحرب، إلا أن التطبيق العملي للمرحلة الثانية يواجه “عُقدًا بنيوية” تجعل مستقبل التهدئة مفتوحًا على سيناريوهات متعددة.
جوهر الخلافات المتراكمة
حيث تنص المرحلة الثانية على إتمام تبادل أوسع يشمل فئات جديدة من الأسرى لدى الجانبين، ما يعني ضرورة الاتفاق على قوائم حساسة، ومعايير مختلفة للعمر والملف الأمني والانتماء التنظيمي وهنا تبرز عقدتان رئيستان منها اختلاف تصنيفات إسرائيل لفئات الأسرى الأمنيين مقارنة بتصنيفات فصائل المقاومة والإصرار الإسرائيلي على استثناء بعض الأسماء التي تراها خطًا أحمر، مقابل رفض المقاومة لأي انتقائية، وتتطلب المرحلة الثانية تمديد الهدنة لأسابيع إضافية، لكن ذلك يصطدم بواقع ميداني متوتر، وغياب ثقة حقيقية بين الأطراف، فإسرائيل تربط التمديد بمدى التقدم في ملف الأسرى، بينما تربط المقاومة استمرار الهدوء بوقف الانتهاكات في غزة والضفة والقدس.
كما تشمل المرحلة الثانية تحسين تدفق المساعدات، وتسهيل دخول الوقود، وتنشيط عمليات الإصلاح العاجل. إلا أن آليات الرقابة الدولية وأدوار المؤسسات الإغاثي وحجم المواد المسموح بها تبقى نقاط خلاف حادة، وسط مخاوف من استخدام الملف الإنساني للضغط السياسي.
وأوضحت المصادر أنه لا تزال مناطق عدة تشهد اشتباكات متقطعة وخروقات محدودة، ما يجعل تنفيذ بنود الهدنة وفتح ممرات إنسانية “رهينًا لموازين النار” وكل خرق صغير قد يتحول إلى انفجار شامل.
سيناريوهات المرحلة الثانية
وكشفت المصادر أن سيناريو النجاح الجزئي الأكثر ترجيحًا، وقد يتم تنفيذ أجزاء من المرحلة الثانية دون تقدم كامل، مثل تمديد محدود للهدنة و تبادل جزئي للأسرى و تحسين نسبي في الوضع الإنساني لكن هذا السيناريو لن يحل جذور الأزمة.
وضمن السيناريوهات يأتي الانهيار المبكر حيث يصبح الأمر مرجحًا إذا حصلت عمليات عسكرية واسعة وانهيار التفاهمات على الحدود اللبنانية وفشل الوسطاء في تثبيت وقف النار وهذا السيناريو يعيد الحرب إلى نقطة الصفر.
أما سيناريو التسوية الشاملة فهو ضعيف لكنه قائم حيث يتطلب ضغوطًا أمريكية قوية على إسرائيل، وتنازلات متبادلة غير مسبوقة، ما يجعله خيارًا بعيدًا لكنه ليس مستحيلًا.
واختتمت المصادر أن تطورات أن المرحلة الثانية من اتفاق غزة ليست مجرد استكمال للمرحلة الأولى، بل اختبار لقدرة الأطراف على موازنة مصالحها وسط بيئة شديدة التعقيد، وبين الانقسام الداخلي في إسرائيل، وحسابات المقاومة، وتضارب الضغوط الدولية، ستكون الأيام المقبلة حاسمة في تحديد مستقبل وقف النار، وربما مستقبل الصراع بأكمله.

