ليبيا ليست فقط بلد النفط والغاز، بل هي واحدة من أغنى دول المتوسط بالمواقع الأثرية الممتدة من الحقبة اليونانية والرومانية والفينيقية وصولاً إلى التراث الإسلامي.
وقالت مصادر: إن هذه الثروة لم تصبح مصدر قوة للدولة الليبية، بل تحولت مع مرور الوقت إلى وقود لصراع الميليشيات، ومصدرًا لتمويل الجبهات وشراء السلاح وتثبيت النفوذ.
من يمدّ يده إلى باطن ليبيا؟
وكشفت المصادر، أنه منذ سقوط نظام القذافي، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تتنافس على المواقع الأثرية منها الميليشيات المسلحة و شبكات التهريب الدولية ومجموعات محلية شبه مدنية، حيث إنه في بعض المناطق، انخرط سكان محليون في التنقيب الفردي بدافع الفقر أو بدافع الطمع، لكن الأمر لا يلبث أن يتحول إلى عمليات منظمة تقودها ميليشيات أو تجار كبار، ليصبح التنقيب غير الرسمي جزءًا من اقتصاد مناطق بأكملها.
كيف أصبحت الآثار مصدر تمويل رئيسي للميليشيات؟
وأكدت المصادر، أن الميليشيات اتجهت للآثار وليس فقط للنفط أو الجمارك أو التهريب التقليدي لأن الآثار أرباحها أعلى بكثير ومخاطرها أقل، كما أن القطع تحمل طابعًا فريدًا يجذب المتاحف الخاصة؛ لهذا أصبحت الميليشيات تعتبر التنقيب الأثري استثمارًا مضمونًا.
مركز التنافس على الآثار
وأشارت المصادر، أن هناك ثلاث مناطق ليبية تتصدر المشهد منها الجبل الأخضر ، هذه المنطقة تضم أحد أغنى المواقع اليونانية في العالم، فالميليشيات تتنافس للسيطرة عليها، وقد رُصدت عمليات حفر ليلية ونقل قطع عبر طرق جبلية وشبكات تهريب إلى الساحل ثم إلى أوروبا.
وقالت المصادر: إن ملف الآثار الليبية ليس قضية ثقافية فقط، بل هو جزء من البنية الاقتصادية والسياسية للصراع الليبي، مؤكدة أن الميليشيات التي تحفر في تاريخ ليبيا هي نفسها التي تقاتل فوق الأرض، وشبكات التهريب التي تنقل القطع هي ذاتها التي تنقل السلاح والمقاتلين.
حرب تحت الأرض
وترى المصادر، أنه في الوقت الذي ينشغل فيه العالم بالحرب فوق الأرض، تجري تحتها حرب أخرى أكثر هدوءًا، وأكثر ربحًا، وأكثر تدميرًا للمستقبل، حيث قالت: إن الثروات التي تُنهب اليوم لن تعود، والقطع التي اختفت لن تستعيدها ليبيا إلا بمعجزة، وحتى يتحقق الاستقرار، ستبقى آثار ليبيا جزءًا من اقتصاد الحرب، لا من اقتصاد الدولة.
وأوضحت مصادر، أن هناك مناطق حيوية شهدت تدهورًا مريعًا، بسبب التنافس الشرس والحفريات الليلية التي تغذي شبكات التهريب الدولية، هذه الشبكات تستخدم الطرق ذاتها لنقل السلاح والمقاتلين.

