كشف تقرير خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن، عن أرقام صادمة حول تصاعد عمليات تجنيد الأطفال من قبل ميليشيا الحوثي خلال العامين الأخيرين، مؤكدًا أن هذه الانتهاكات أصبحت جزءًا من منظومة ممنهجة ومتجذرة في المناطق التي تسيطر عليها الجماعة.
وأوضح التقرير، أن الأمم المتحدة تحققت من تجنيد 214 طفلاً، قتل منهم 140 في جبهات القتال، بينما ما يزال 74 طفلاً قيد الاستخدام العسكري المباشر.
وأشار التقرير، إلى أن موجة التجنيد شهدت قفزة حادة منذ أكتوبر 2023، تزامنًا مع تصاعد التوتر الإقليمي، إذ كثفت الميليشيات من حملاتها لتعبئة القصر عبر المدارس والمراكز المجتمعية والدورات الفكرية.
أساليب منظمة واستغلال للمدارس والأسر
أكد التقرير، أن الحوثيين يعتمدون آلية تجنيد مؤسسية تبدأ من هيئة التعبئة العامة مرورًا بوزارة التربية والتعليم الخاضعة لسيطرتهم، حيث تحول المدارس إلى منصات لغرس الفكر العقائدي في عقول الطلبة.
وتجبر الأسر على إرسال أطفالها إلى الدورات المذهبية والعسكرية، تحت التهديد بحرمانها من المساعدات الغذائية والإمدادات الأساسية مثل الغاز والمواد التموينية.
وأوضح التقرير، أن أولئك الذين يفرون من هذه الدورات يحرمون من الحصول على شهادة التعليم الأساسي، في خطوة تهدف إلى كسر إرادة الأهالي ودفعهم إلى الامتثال، وتلعب شبكات من زعماء القبائل ومشرفي الأحياء دورًا محوريًا في مراقبة الالتزام بهذه التعليمات، بينما تُكلف عناصر نسائية تُعرف بـ”الزينبيات” بالضغط على الأمهات لتسليم أطفالهن مقابل وعود مالية أو تعليمية.
دورات أيديولوجية ثم تدريب عسكري
أوضح التقرير الأممي، أن عملية التجنيد تمر بمراحل منظمة تبدأ بـ دورات أيديولوجية لمدة 40 يومًا، يخضع خلالها الأطفال لغسيل دماغ فكري وديني، تليها تدريبات عسكرية تمتد 45 يومًا للمراهقين بين 15 و18 عامًا، بعدها يتم توزيعهم على الجبهات، أو تكليفهم بمهام خطيرة مثل زرع الألغام، العمل في نقاط التفتيش، أو مهام لوجستية مثل النقل والتصوير الدعائي.
وكشف التقرير، أن الميليشيات تستخدم المهدئات والقات لإبقاء الأطفال في حالة من الطاعة المطلقة، كما يجري أحيانًا تهريبهم قسرًا إلى مناطق القتال دون علم ذويهم.
أرقام صادمة وتواطؤ منظم
ووفقًا للبيانات الأممية، تخرج من هذه الدورات ثماني دفعات قوامها نحو 56 ألف طفل، وهو رقم يبرز مدى خطورة حجم الانتهاك الذي تمارسه الجماعة ضد القاصرين.
وأشار التقرير إلى أن بعض الأطفال ينضمون طوعًا بدافع الفقر أو تحت تأثير الخطاب العقائدي المكثف، بينما يجبر الغالبية العظمى على الانخراط تحت وطأة الترهيب.
جريمة ضد الطفولة والمجتمع
وقد اختتم التقرير بتحذير واضح من أن تجنيد الأطفال في اليمن تجاوز نطاق الانتهاك الفردي ليصبح جزءًا من سياسة ممنهجة تهدف إلى خلق جيل مدلج يمكن التحكم فيه لخدمة أجندة الحوثيين المستقبلية.
ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي إلى مضاعفة الجهود لوقف هذه الانتهاكات، وفرض آليات رقابة ومساءلة حقيقية على الأطراف المنخرطة في تجنيد الأطفال، معتبرة أن استمرار هذه الممارسات يُنذر بكارثة إنسانية وأخلاقية طويلة الأمد في اليمن.

