تشهد الساحة في السودان في الآونة الأخيرة تصاعدًا حادًا في حدة الانقسام داخل صفوف الحركة الإسلامية، بعدما فقدت الثقة في قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان.
وقالت المصادر إن البرهان، الذي كان يُنظر إليه سابقًا كحليف استراتيجي، تحوّل تدريجيًا إلى مصدر قلق وغضب داخل أوساط الإسلاميين، بسبب قراراته المتقلبة وتناقض مواقفه بين الخطاب والممارسة.
وأوضحت المصادر أن البرهان لم يخسر فقط دعم الإسلاميين، بل فقد أيضًا الغطاء الإقليمي والدولي الذي كان يعوّل عليه، نتيجة انعدام الثقة في قدرته على إدارة البلاد أو الوفاء بالتزاماته السياسية والعسكرية.
كيف تصدّعت الثقة بين البرهان والحركات الإسلامية؟
وقالت المصادر إنه منذ بداية الصراع العسكري في السودان، حاول البرهان أن يقدّم نفسه بوصفه الضامن لاستمرار الدولة ومؤسساتها، لكنه في المقابل تبنّى خطابًا مزدوجًا أربك حلفاءه الإسلاميين، فبينما كان يعلن أمام الرأي العام رغبته في إبعاد الإسلاميين عن مواقع السلطة، كان يعتمد على قياداتهم الميدانية في إدارة المعارك ضد قوات الدعم السريع.
غضب داخل صفوف الحركات الإسلامية وشعور بالخداع
وكشفت المصادر أن الحالة العامة داخل أوساط الإسلاميين اليوم تتسم بالاضطراب والارتباك، فبعد سنوات من التحالف التكتيكي مع البرهان، يشعر كثير منهم بأنهم كانوا ضحية خدعة استراتيجية، إذ يرى بعض القيادات أن البرهان استغلّ جهودهم الميدانية لدعم الجيش، ثم انقلب عليهم حين شعر أنه لم يعد بحاجة إليهم.
كيف فقد البرهان الدعم الخارجي والإقليمي؟
وترى المصادر أن البرهان يواجه أزمة ثقة غير مسبوقة على الصعيد الخارجي، فالدول الإقليمية التي كانت تراهن عليه كضامن لاستقرار السودان بدأت تُعيد تقييم مواقفها بعد سلسلة من الإخفاقات السياسية والعسكرية، كما أن القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، باتت ترى فيه زعيمًا عسكريًا غير قادر على الوفاء بتعهداته، خصوصًا بعد فشله في الالتزام بوقف إطلاق النار أو المضي في العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة.
تبدّل المواقف
وأكدت المصادر أن التناقض هو السمة الأبرز في سلوك البرهان السياسي والعسكري، فهو من جهة يرفع شعار استعادة الدولة المدنية لكسب تعاطف المجتمع الدولي، ومن جهة أخرى يعتمد على رموز النظام السابق في إدارة الحرب، وهذه الازدواجية جعلت البرهان يخسر ثقة الجميع.
واختتمت المصادر حديثها بأن العلاقة بين البرهان والحركة الإسلامية دخلت مرحلة اللاعودة، فقد انكشفت اللعبة السياسية التي مارسها الرجل على حلفائه، وبات الإسلاميون يدركون أنهم كانوا مجرد ورقة في معركة سلطة لا علاقة لها بالمبادئ أو العقيدة.

