تتجه الأنظار إلى الدبلوماسية الدولية بحثًا عن خارطة طريق واقعية يمكن أن تضع حدًا للمواجهة المفتوحة على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، واشتداد حدة التوتر في الجنوب اللبناني، وتمنع انزلاق لبنان إلى سيناريو شبيه بما حدث في غزة.
كيف تحولت الجبهة اللبنانية إلى منطقة تماس قابلة للاشتعال؟
رسمت واشنطن وباريس خطًا أحمر يمنع الطرفين من تجاوز حدود معينة في التصعيد، إلا أن هذه الخطوط باتت تتآكل تدريجيًا مع كل غارة إسرائيلية جديدة أو عملية قصف مضاد من الجانب اللبناني.
وتصف المصادر المشهد بأنه حرب استنزاف باردة، فيما يرى آخرون أن استمرار الوضع على هذا النحو يجعل أي خطأ تكتيكي أو عملية خاطفة كفيلة بإشعال مواجهة كبرى.
التحركات الدولية
وأكدت المصادر أن الساحة اللبنانية تشهد حراكًا دبلوماسيًا مكثفًا خلال الأسابيع الأخيرة، إذ أرسلت باريس مبعوثها الخاص إلى بيروت في محاولة لإحياء مبادرتها التي تهدف إلى تثبيت وقف إطلاق النار وعودة الجيش اللبناني إلى الجنوب، بالتوازي مع نشر قوات إضافية من اليونيفيل في المناطق الحدودية.
وأوضحت أن التحركات الأوروبية أيضًا لم تغب عن المشهد، حيث عقد الاتحاد الأوروبي عدة اجتماعات طارئة حذر خلالها من عواقب وخيمة على الاستقرار الإقليمي إذا توسعت الحرب، داعيًا إلى ضبط النفس وتفعيل القنوات السياسية.
ما هي خارطة الطريق الدبلوماسية؟
أفادت المصادر بأن خارطة الطريق الدبلوماسية التي يتم تداولها بين العواصم الغربية والعربية ترتكز على ثلاث مراحل أساسية، تقوم أولًا على التزام الطرفين بوقف العمليات العسكرية خلال فترة لا تتجاوز 72 ساعة، بإشراف الأمم المتحدة، على أن يُثبَّت وقف النار ميدانيًا عبر آلية مراقبة مشتركة بين الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل.
وتتضمن المرحلة الثانية انسحاب مقاتلي حزب الله إلى عمق يتراوح بين 8 و10 كيلومترات شمال نهر الليطاني، مقابل التزام إسرائيل بوقف التحليق اليومي للطائرات المسيّرة فوق الجنوب اللبناني، وتجنب أي استهداف للأراضي اللبنانية.
وترى المصادر أن الضغط الأمريكي والمناورة الإيرانية يبقيان لبنان في موقع هشّ تحكمه توازنات دقيقة، تجعل أي تصعيد جديد تحديًا لميزان الردع الإقليمي بأكمله.
كيف يمكن تجنيب بيروت نموذج غزة؟
وأشارت المصادر إلى أنه في ظل تعقّد المشهد الإقليمي، تبدو خارطة الطريق الدبلوماسية السبيل الوحيد لتجنيب لبنان نموذج غزة، غير أن نجاح هذه الخارطة مرهون بقدرة الأطراف المحلية والدولية على تثبيت الخطوط الحمراء فعلًا لا قولًا، وبإدراك أن أي اشتعال في الجنوب لن يقف عند حدود لبنان، بل سيمتد أثره إلى مجمل الشرق الأوسط.

