ذات صلة

جمع

تراث اليمن في خطر.. اليونسكو توقف مشاريعها تحت وطأة الميليشيات الحوثية

في خطوة تعكس حجم القلق الدولي على مصير التراث اليمني، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” وقف جميع مشاريعها التطويرية في مدينة صنعاء القديمة والمناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي، بعد سلسلة من الانتهاكات التي طالت الموروث الثقافي والمعماري للمدينة المُدْرجة على قائمة التراث العالمي منذ عام 1986.

القرار الذي كشف عنه مندوب اليمن لدى اليونسكو، محمد جميح، جاء بعد تحذيرات متكررة من تدمير متعمد وتشويه ممنهج لمعالم صنعاء القديمة، التي تُعد من أقدم المدن العربية وأعرقها حضارة، وتضم أكثر من 6 آلاف منزل أثري و103 مساجد و14 حماماً تاريخياً.

عبث الحوثيين يُخرج صنعاء من دائرة الاهتمام الدولي

قال جميح: إن “العبث الحوثي المستمر” بتراث صنعاء، من خلال رفع الملصقات والشعارات السياسية على جدران المباني الأثرية واستخدام مواد بناء مخالفة، دفع المنظمة الدولية إلى تحويل جميع مشاريعها نحو مناطق سيطرة الحكومة الشرعية في جنوب وشرق البلاد.

وأشار إلى أن الميليشيات لم تكتفِ بتخريب المظهر العمراني الفريد لصنعاء، بل اعتقلت موظفين تابعين لليونسكو كانوا يعملون في مشاريع الحفاظ على التراث، ما أثار غضب المنظمة والجهات المانحة وأدى إلى تجميد كامل لأنشطة الترميم والدعم الفني.

وأضاف: أن القرار يمثل ضربة قاسية لجهود حماية التراث اليمني، إذ فقدت صنعاء فرص تمويل دولية مهمة كانت مخصصة لترميم المنازل والمواقع التاريخية التي تضررت خلال الحرب المستمرة منذ تسع سنوات.

خطر يمتد إلى شبام حضرموت

ولم تتوقف التحذيرات عند حدود العاصمة، إذ نبه مندوب اليمن لدى اليونسكو إلى أن العبث الحوثي امتد كعدوى إلى مدينة شبام التاريخية في حضرموت، والمعروفة بعمارتها الطينية الشاهقة التي أكسبتها لقب “مانهاتن الصحراء”.

وأكد جميح، أن رفع شعارات وأعلام سياسية في المدينة يمثل تهديدًا مباشرًا لطابعها المعماري الفريد، مشيرًا إلى أن استمرار هذه الممارسات قد يؤدي إلى حرمان شبام من مشاريع الحماية والترميم الممولة من اليونسكو.

وأوضح، أن شبام تخضع للحماية الدولية بموجب اتفاقية 1972 الخاصة بحماية التراث العالمي، داعيًا إلى احترام القوانين الدولية والحفاظ على هوية المدن التاريخية اليمنية بعيدًا عن التوظيف السياسي.

هوية مهددة وسط غياب الردع الدولي

يرى مراقبون، أن صمت المجتمع الدولي إزاء الانتهاكات المتواصلة ضد التراث اليمني شجّع الحوثيين على التمادي في سياساتهم العبثية، التي لا تقتصر على الجانب العسكري بل تمتد إلى طمس الهوية الثقافية والحضارية لليمن.

فبينما تتهاوى منازل صنعاء القديمة تحت وطأة الإهمال والحرب، تغيب الحلول الفاعلة لإعادة إحياء المدينة التي كانت يومًا رمزًا للتعايش والإبداع المعماري في شبه الجزيرة العربية.

ومع انسحاب اليونسكو، تبدو صنعاء اليوم أقرب إلى العزلة الثقافية، تدفع فيها الذاكرة اليمنية ثمن الصراع المسلح، بينما يبقى تراثها التاريخي شاهدًا صامتًا على حرب لم تكتفِ بالأرواح، بل التهمت ملامح التاريخ ذاته.