ذات صلة

جمع

طبيعة الاشتباك.. ما دلالة استمرار الهجمات المتبادلة بالطائرات المسيّرة على موسكو؟

تشهد الحرب بين روسيا وأوكرانيا منذ أسابيع تصعيدًا جديدًا...

مدارس تتحول إلى ملاجئ.. واليونيسف تُحذر من “جيل ضائع” في غزة

أطلقت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" تحذيرًا صارخًا من...

إقصاء نواب الإخوان.. كيف تعكس التفاهمات البرلمانية في الأردن تحولًا سياسيًا بعيدًا عن الإسلام السياسي؟

تتجه الأنظار إلى ما يشبه الإجماع بين الكتل البرلمانية الكبرى حول توزيع المناصب القيادية في الأردن، في ظل إقصاءٍ واضحٍ لنواب حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة.

تفاهمات مبكرة

كشفت المصادر أن المشاورات أفرزت تفاهماتٍ مبكرة حسمت أسماء رئيس المجلس واللجان الدائمة مسبقًا، بما يضمن استمرار نهج التوافق المسبق الذي طبع الحياة النيابية الأردنية خلال السنوات الأخيرة.

ولا تبدو هذه التفاهمات معزولةً عن التحولات السياسية في الأردن، حيث يزداد الابتعاد المؤسسي عن تيار الإخوان المسلمين الذي تراجعت شعبيته وتأثيره داخل البرلمان.

وذكرت المصادر أن الكتل النيابية الكبرى، التي تمثل ما يقرب من 105 نواب من أصل 138، اتفقت على توزيع المناصب القيادية داخل المجلس، بحيث لا يحصل أي نائب من حزب جبهة العمل الإسلامي على موقعٍ مؤثر. ويشمل ذلك مناصب رئيس المجلس ونائبيه ومساعديه، إضافةً إلى رؤساء اللجان الدائمة العشرين.

وأوضحت المصادر أن الأمر بات محسومًا، وأن التوافق بين الكتل تمّ على جميع المواقع، مشيرةً إلى أن المشهد سيكون نسخةً مكررةً من العام الماضي، حين خرج نواب الإخوان من السباق على المناصب القيادية تمامًا.

ووفق المصادر، فقد تراجع النفوذ البرلماني لحزب جبهة العمل الإسلامي بعد أن كانت له في الماضي قدرةٌ على التأثير في تشكيل اللجان البرلمانية أو تمرير المواقف السياسية عبر تحالفاتٍ داخل المجلس.

ما هي الأسماء المطروحة؟

كشفت المصادر أن النائب مازن القاضي، وهو جنرال أسبق ومدير سابق للأمن العام ووزير داخليةٍ سابق، يُعد المرشح الأوفر حظًا لرئاسة المجلس، ممثلًا عن كتلة الميثاق.

كما أوضحت المصادر أنه تمّ التوافق على أن يشغل النائب خميس عطية موقع النائب الأول للرئيس عن كتلة مبادرة، وإبراهيم الصرايرة موقع النائب الثاني عن كتلة عزم، بينما تذهب مساعدتا الرئيس إلى النائبتين ميسون القوابعة عن كتلة اتحاد الأحزاب الوسطية وهالة الجراح عن كتلة الوطني الإسلامي.

وتعكس هذه التركيبة المتنوعة سياسيًا حرص الكتل على إظهار توازنٍ سياسي وبرلماني يمثل الطيف العام للمجلس، دون تمكين أي تيارٍ أيديولوجي، وبالأخص الإخوان المسلمين، من الحصول على نفوذٍ مؤثرٍ في إدارة أعمال المجلس أو لجانه.

سياسة تحجيم الإخوان

وترى المصادر أن ما يجري اليوم هو امتدادٌ طبيعي لمسارٍ سياسي بدأ منذ سنوات، هدفه الحد من نفوذ التيار الإسلامي داخل المؤسسات المنتخبة. فمنذ حلّ جماعة الإخوان المسلمين قانونيًا عام 2015 وسحب ترخيصها الرسمي، عملت الدولة الأردنية على إعادة هندسة المشهد السياسي باتجاه تياراتٍ وسطيةٍ معتدلة وكتلٍ وطنيةٍ مستقلة.

الإرث السياسي للإخوان في الأردن

وقالت المصادر إنه لا يمكن فصل هذا الإقصاء عن الذاكرة السياسية للأردنيين تجاه الإخوان المسلمين، الذين ارتبط اسمهم بعدة أزماتٍ داخليةٍ وإقليمية، خصوصًا خلال العقد الماضي.

فقد اتُّهم الإخوان، سواء بشكلٍ مباشر أو عبر أذرعهم التنظيمية، بالتحريض على الاحتجاجات الفوضوية ومحاولة استثمار الأزمات الاجتماعية لخدمة أجنداتٍ سياسيةٍ خارجية.

مرحلة ما بعد الإسلام السياسي

وأشارت المصادر إلى أن ما يجري داخل مجلس النواب الأردني يعكس بوضوح مرحلة ما بعد الإسلام السياسي في الحياة العامة، إذ بات المجتمع الأردني، رغم تمسكه بهويته الدينية، أكثر ميلًا إلى العمل البرلماني البراغماتي القائم على الإنجاز والخدمات، لا على الخطاب الأيديولوجي.

ورأت المصادر أن تفاهمات البرلمان الأردني التي أقصت نواب الإخوان من المناصب القيادية ليست مجرد صدفةٍ انتخابية، بل تعكس تحولًا بنيويًا في بنية السلطة التشريعية. فالمجلس الجديد يجسد واقعًا سياسيًا يتجه نحو ترسيخ التعددية الوسطية، مقابل انحسار التيارات الأيديولوجية التي فشلت في مواكبة متطلبات الدولة الحديثة.