في تصعيد جديد للحرب المستمرة في أوكرانيا، كشف تقرير دولي حديث عن استخدام روسيا لطائرات مسيّرة صغيرة مزوّدة بذخائر عنقودية من تصنيع كوريا الشمالية، في عملياتها العسكرية جنوب البلاد. التقرير الصادر عن منظمة بريطانية مستقلة لتتبع الأسلحة يعكس تنامي التعاون العسكري بين موسكو وبيونغ يانغ، ويطرح تساؤلات حول مستقبل التصعيد في الحرب ومدى تورط أطراف خارجية.
طائرات مسيّرة روسية تحمل ذخائر كورية شمالية
كشف تقرير صادر عن منظمة أبحاث تسليح الصراعات، وهي هيئة بريطانية مستقلة معنية بتتبع الأسلحة المستخدمة في النزاعات المسلحة، أن روسيا بدأت في استخدام طائرات مسيّرة صغيرة مزوّدة بذخائر عنقودية مصدرها كوريا الشمالية. تم رصد هذا النوع من السلاح للمرة الأولى في 23 سبتمبر 2025، قرب مدينة خيرسون جنوب أوكرانيا.
تحقيقات دولية تكشف عن ذخائر غير معروفة سابقًا
وبحسب ما نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، قام محققون مستقلون بزيارة أوكرانيا لفحص نوع جديد من القنابل الصغيرة الكورية الشمالية التي تم تعديلها لتُحمَل على طائرات روسية بدون طيار. ويُعتقد أن هذه الذخائر، التي صُنعت في عام 2000، تُعد نسخة مُعدلة من القنبلة الأميركية M42 التي استخدمت سابقًا في حرب الخليج.
تعديلات تقنية دقيقة على الذخائر الكورية
أوضح الباحث في المنظمة، داميان سبليترز، أن الذخائر الكورية الشمالية خضعت لتعديلات دقيقة، لتكون قادرة على الانفجار عند الاصطدام، وتعمل بتوجيه مباشر من الجنود عبر بث مرئي. وأشار إلى أن هذا التعديل يُظهر مدى التعاون العسكري الوثيق بين كوريا الشمالية وروسيا، ويؤكد صلة مباشرة بين الصناعات العسكرية الكورية الشمالية والحرب في أوكرانيا.
الاعتماد على مكوّنات صينية وغربية رغم العقوبات
أظهرت التحقيقات أن الطائرات المسيّرة الروسية، على الرغم من تصنيع هيكلها محليًا، تعتمد بشكل كبير على مكونات إلكترونية من الصين، بالإضافة إلى تقنيات منخفضة الكلفة تهربها شركات غربية رغم العقوبات المفروضة على موسكو. وهذا يُبرز تحديًا حقيقيًا في مراقبة سلاسل الإمداد العالمية المرتبطة بالصناعات العسكرية.
مواقف متباينة بشأن الذخائر العنقودية
تُعد الذخائر العنقودية من الأسلحة المثيرة للجدل دوليًا، إذ تنفجر في الجو لتطلق قنابل صغيرة على نطاق واسع، ما يجعلها خطيرة جدًا على المدنيين حتى بعد انتهاء المعارك. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة كانت قد منعت استخدامها سابقًا، فإن إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن أرسلت في عام 2023 ذخائر M42 إلى أوكرانيا، ووصفتها وزارة الدفاع الأمريكية بأنها “فعالة وموثوقة”.
التحركات السياسية المرافقة: ضغوط ولقاءات دولية
تزامن نشر التقرير مع تصريحات للرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترمب، الذي لوّح بإمكانية إرسال صواريخ “توماهوك” بعيدة المدى إلى أوكرانيا للضغط على روسيا نحو التفاوض. ومن المقرر أن يلتقي ترمب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، لمناقشة هذه الصفقة المثيرة للجدل.
في المقابل، أعلن الكرملين عن إمكانية عقد قمة مرتقبة بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة المجرية بودابست خلال الأسبوعين المقبلين، لمناقشة سبل إنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات.
يعكس استخدام روسيا لذخائر عنقودية كورية شمالية تطورًا خطيرًا في مسار الحرب الأوكرانية، ويُظهر مدى تعقيد التحالفات الدولية في هذا النزاع. ومع دخول أسلحة محرّمة دوليًا ساحة المعركة، يتزايد الضغط على المجتمع الدولي لاحتواء الأزمة قبل أن تتصاعد إلى مستوى أكثر كارثية. ويبقى التساؤل مفتوحًا: هل تقود هذه التطورات إلى مفاوضات حقيقية، أم إلى مزيد من التصعيد والدمار؟