في خطوة أثارت الكثير من الجدل، قررت الترويكا الأوروبية تفعيل ما يُعرف بآلية “الزناد”، ليعود ملف العقوبات على إيران إلى الواجهة، وتجد طهران نفسها مجددًا تحت طائلة إجراءات أممية صارمة بعد نحو عقد من رفعها.
جاء ذلك بعد اتهام الدول الأوروبية لإيران بعدم التزامها ببنود الاتفاق النووي الموقَّع عام 2015، ما أعاد إحياء قرارات مجلس الأمن التي تستهدف قطاعات استراتيجية وشخصيات بارزة مرتبطة ببرنامجيها النووي والصاروخي.
العقوبات المفروضة
وحسب وسائل إعلام محلية، فإن العقوبات المفروضة تشمل حظرًا على استيراد وتصدير الأسلحة التقليدية، ومنع تزويد إيران بأي تقنيات أو مكوّنات مرتبطة بالأنشطة النووية والبالستية.
كما شملت تجميد أصول كيانات وأفراد، وفرض قيود على سفر شخصيات يُشتبه بمشاركتها في أنشطة محظورة، إضافة إلى إلزام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بتشديد الرقابة على تعاملات إيران المالية والمصرفية.
الاتحاد الأوروبي
وفي غضون ذلك، أبقى الاتحاد الأوروبي على إمكانية فرض عقوبات إضافية تستهدف الاقتصاد الإيراني بشكل مباشر، من أجل تكثيف الضغط على طهران وإجبارها على العودة إلى طاولة التفاوض.
آلية “الزناد”، التي تتيح إعادة جميع العقوبات خلال 30 يومًا من تفعيلها، تعكس واحدة من أخطر بنود اتفاق 2015. وبينما تصر العواصم الأوروبية على قانونيتها، ترى روسيا والصين أنها غير شرعية، وهو ما يفتح الباب أمام استمرار التعاون بين هذه الدول وإيران، خاصة في قطاع الطاقة.
وتحمل العقوبات الجديدة تداعيات مباشرة على قطاعات النقل والطاقة والقطاع المصرفي، مع توقع ارتفاع تكاليف التأمين والشحن للشركات المتعاملة مع إيران. كما أن الغموض يكتنف الموقف الصيني في ظل اعتماد بكين الكبير على واردات النفط الإيراني.
عودة سياسة العقوبات
العودة إلى سياسة العقوبات تأتي بعد سنوات من التوتر المتصاعد: من توقيع الاتفاق النووي عام 2015، إلى انسحاب واشنطن منه عام 2018، وصولًا إلى تخلي طهران التدريجي عن التزاماتها ورفعها مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 60%، وهو ما تعتبره أوروبا تهديدًا مباشرًا للانتشار النووي.
إيران من جانبها تعهّدت برد “حازم ومناسب”، مؤكدة أن برنامجها النووي “مدني بحت”، فيما شدد الرئيس الإيراني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة على أن بلاده “لم ولن تسعى إلى امتلاك قنبلة نووية”.
وترى أوروبا أن فرض العقوبات لا يعني نهاية المسار الدبلوماسي، بل محاولة للضغط على طهران للعودة إلى الالتزام. غير أن الانقسام الدولي حول شرعية القرار، بين دعم غربي ومعارضة روسية-صينية، يجعل المشهد أكثر تعقيدًا ويزيد من احتمالات التصعيد في المرحلة المقبلة.